للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القوابل؛ فإن العدة تنقضي بها وجهاً واحداً؛ كما لو كانت الصورة ظاهرة لنا.

وفي "الرافعي": أنه يشبه أن يكون الراجح طريقة القولين، وأن يقال: الأظهر انقضاء العدة؛ ولذلك ذكره الشيخ أبو الحسين ابن خيران في "اللطييف"، والقاضي الروياني وإبراهيم المرورذي.

فرع: لو شك القوابل فيما وضعته في أنه مبتدأ خلق آدمي أم لا، فلا خلاف في أنه لا يترتب عليه حكم من أحكام الحمل.

قال: وإن كانت من ذوات الأقراء اعتدت بثلاثة أطهار.

الأقراء: جمع قرء، بضم القاف وفتحها. يجمع "القرء" على "أقراء" و"قروء"، وهو اسم مشترك بين الحيض والطهر يقع على كل منهما حقيقة عند الأكثرين من أهل اللغة، وقيل: إنه حقيقة في الطهر، مجاز في الحيض، وقيل عكسه، وقيل: إنه حقيقة في الانتقال من معتاد إلى معتاد؛ فتناول الانتقال من الحيض إلى الطهر وعكسه.

وقيل: إن القرء- بالفتح-: الطهر، وهو الذي يجمع على "فعول"؛ كحرب وحروب، وضرب وضروب. والقرء- بالضم- يجمع على "أقراء"؛ كقفل وأقفال، والصحيح أنه لا فرق.

إذا تقرر ذلك فنقول: الدليل على ما ادعاه الشيخ من أن الاعتداد في حق ذوات الأقراء يكون بالأطهار، قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] والمراد بالقروء في الآية: الأطهار عند الشافعي؛ كما ذهب إليه زيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة، رضي الله عنهم.

واستدل أصحابنا لذلك بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي: في وقت عدتهن؛ كما في قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] أي: في يوم القيامة. والطلاق المأمور به في الطهر، قال- عليه السلام- لعمر- رضي الله عنه- وقد طلق ابنه زوجته في الحيض: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا؛ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" فجعل الطهر زمان العدة. وروي أنه- عليه السلام-[كان] يقرأ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>