للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنها لو لم تعتد به عن الطلاق لكانت عدتها بأكثر من ثلاثة أقراء، والله- تعالى- أمرها أن تعتد بثلاثة أقراء.

والثاني: أنه منع من الطلاق في الحيض؛ لئلا تطول عدتها؛ لفوات الاعتداد بحيضها، وترك الاعتداد بما ذكرناه أبعد لعدتها، وأسوأ حالاً من الطلاق في الحيض؛ فلو لم تعتد به لكان المنع من الطلاق فيه أولى.

واعلم أنا إنما نبهنا على أنه لا فرق في بقية الطهر بين أن يكون قبل الجماع أو لا؛ لأنا رأينا الجيلي قد جزم القول بأنه إذا كان الطلاق بعد جماع فيه: أن عدتها لا تنقضي إلا بالطعن في الحيضة الرابعة، وهذا خلاف ما نص عليه الشافعي في "المختصر"، وصرح به أصحابنا كالماوردي، وابن الصباغ والإمام وغيرهم، ولم أر ما قاله لأحد من أصحابنا. نعم، حكوه عن أبي عبيد القاسم بن سلام؛ فلعله اعتقد أنه من أصحابنا؛ فاقتصر على حكاية مذهبه.

قال: والثاني: لا تنقضي حتى تحيض يوماً وليلة، أي: من الحيضة الثالثة أو الرابعة؛ لجواز أن يكون ذلك دم فساد؛ فلا نحكم بانقضاء العدة بالشك، وهذا ما رواه البويطي [وحرملة].

قال: وقيل: إن حاضت للعادة انقضت العدة بالطعن في الحيض، لأنه يعلم من العادة أنه حيض، وإن حاضت لغير العادة لم تنقض حتى تحيض يوماً وليلة؛ لأنه لا يعلم أنه حيض بيقين.

والقائل بهذه الطريقية حمل النصين على هذين الحالين، والقائل الأول يقول: إن لم يوجد شرط الحيض بعد ذلك تبين أن العدة لم تنقض.

وهل لحظة رؤية الدم، أو اليوم والليلة- إن اعتبرنا وجودهما- من نفس العدة، أو يتبين بها انقضاء العدة وليست منها؟ فيه وجهان محكيان في الطريقين، وأصحهما- على ما حكاه الرافعي وغيره-: الثاني، وتظهر فائدة الخلاف فيما لو راجعها في هذا الزمن، أو مات واحد منهما، أو تزوجها غيره.

ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون الدم الذي رأته في زمن الإمكان أسود أو أصفر أو كدراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>