الثاني- وهو المذكور في "الأم"- أنه المحتوش بدمين، لا مجرد الانتقال، وهو الجديد، والأصح في "التهذيب" وعند القاضي الروياني وغيره. قال الرافعي: لكنه يخالف ما حكيناه في كتاب الطلاق [أن أكثرهم حكموا بوقوع الطلاق] في الحالف إذا قال للتي لم تحض قط: أنت طالق في كل قرء طلقة.
وأظهر المراوزة ثمرة هذا الخلاف فيما إذا اعتدت الصغيرة بالشهور، ثم حاضت في أثنائها، وفيما إذا قال لها: أنت طالق في آخر طهرك، أو وقع ذلك اتفاقاً، وعند العراقيين في ذلك كلام سنذكره.
قال: ومتى يحكم بانقضاء العدة؟ فيه قولان:
أحدهما: إن كان الطلاق في طهر- أي: قبل جماع فيه أو بعده- انقضت العدة بالطعن في الحيضة [الثالثة، وإن كان في حيض انقضت العدة بالطعن في الحيضة] الرابعة؛ لأن الظاهر أن الذي ظهر دم حيض؛ فيكون الطهر قبله قد كمل؛ فانقضت العدة بثلاثة أقراء، وقد روي عن عائشة وزيد بن ثابت- رضي الله عنهما- أنهما قالا: إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة، فقد برئت منه. وعن عثمان وابن عمر- رضي الله عنهم- أنهما قالا: إذا طعنت في الحيضة الثالثة فلا رجعة له. وهذا القول هو الذي رواه الربيع والمزني، وهو الأصح.
فإن قيل: فإاذ كان الطلاق في الطهر لم يكمل بذلك ثلاثة أقراء، وإنما حصل قرءان وبعض الثالث، والله- تعالى- أوجب الاعتداد بثلاثة أقراء.
فالجواب: أنه قد يطلق اسم "الثلاث" على الاثنين وبعض الثالث؛ قال الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧] وهو شهران وبعض الثالث، وتقول: كتبت لثلاث خلون، وإن كان قد مضى اثنان وبعض الثالث؛ فكذلك في "الأقراء".