فقلت: وضع شطرها، فقال: ارجع إلى ربك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته؛ فقال: هي خمس و [هن] خمسون لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك، فقلت: استحييت من ربي" أخرجه البخاري.
وروى أنس قال: جاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك .. وساق الحديث إلى أن قال: فزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرنا بهذا؟ قال: "نعم" ... ثم ساق الحديث إلى أن قال: ثم ولى، وقال: والذي بعثك بالحق نبيّاً لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن صدق ليدخلن الجنة" أخرجه مسلم.
وما تمسك به أبو حنيفة على أن الوتر واجب، [سيأتي] الكلام فيه في باب صلاة التطوع، وقد كان الفرض في ابتداء الإسلام غير الخمس.
قال الشافعي في [باب] استقبال القبلة: "سمعت من أثق بخبره وعلمه يقول: إن الله أنزل فرضاً في الصلاة، ثم نسخه بفرض غيره، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس". وشرح أصحابه ذلك فقالوا: كان الفرض في ابتداء الإسلام قيام نصف الليل، أو أنقص منه، أو زيادة عليه؛ لقوله- تعالى-: {قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ...} الآية [المزمل: ٢].
قال أبو الطيب: وهذا الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولسائر الأمة.