والدليل عليه- من جهة المعنى-: أن كل سبب يقع به التحريم المؤبد إذا عري عن جنس الاستباحة افتقر إلى [العدد كاللعان، وما لم يعر عن جنس الاستباحة لم يفتقر إلى] العدد كالنكاح والوطء.
ووراء ما ذكرناه من المذهب وجهان آخران:
أحدهما: كمذهب أبي حنيفة.
والثاني: كمذهب أبي ثور، قال ابن المنذر: واختاره مشايخنا.
فلو حكم حاكم بالتحريم برضعة لم ينقض حكمه، وإن كنا نفرع على ظاهر المذهب، وعن الإصطخري: أنه ينقض.
واعتبار التفريق؛ كي لا يكون الجميع رضعة واحدة، وسيأتي الكلام فيما تتم به الرضعة الواحدة عن أكثر منها.
قال: وإن كان الحمل ثابت النسب من رجل، أي: بنكاح، أو ملك يمين، أو شبهة- صار الطفل ولداً له، وأولاده أولاده، وصار الرجل أبا له، وأمهاته جداته، وآباؤه أجداده، وأولاده إخوته وأخواته، وإخوته وأخواته أعمامه وعماته.
الأصل في ذلك ما روى مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي، فأبيت أن آذن له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فليلج عليك عمك". قلت: إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل. قال:"إِنَّهُ عَمُّكِ؛ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ".
وعنها في هذا الحديث:"أن الرضاع يحرم ما يحرم من النسب".