ولأن الولد مخلوق من مائهما؛ فكان الولد لهما وإن باشرت الأم ولادته؛ فاقتضى أن يكون اللبن الحادث عنه لهما وإن باشرت الأم رضاعه، وإذا كان اللبن لهما وجب أن تنتشر حرمته إليهما.
ولا فرق فيمن ذكرناهم بين أن تكون نسبتهم إلى الأب الذي له اللبن من جهة الأبوين أو من أحدهما، ولا بين النسب والرضاع [وحكم إخوة الجد وإن علا، وأخواته من الطرفين من النسب والرضاع-] حكم إخوة الأب وأخواته [هذا] هو المذهب.
وفي "الذخائر": أن بعض أصحابنا حكى عن الشافعي أنه قال: نشر الحرمة إلى الفحل خارج عن القياس؛ فإن اللبن لا ينفصل عنه، وإنما ينفصل عنها.
وذهب ابن بنت الشافعي إلى أن الحرمة لا تثبت معه.
وعن صاحبي "التقريب" و"التلخيص"، و"الجامع الكبير" للمزني رواية قول: أن اللبن من وطء الشبهة لا يثبت الحرمة من جهة الفحل؛ لأنه لا ضرورة إلى إثبات حرمة الرضاع، بخلاف النسب والعدة.
وفي "الجيلي" في آخر الباب حكاية وجه: أن لبن أم الولد لا يحرم المرضعة على السيد؛ بناء على أصلين:
أحدهما: أنه لا يجوز له أن يزوجها.
والثاني: أنه لا يجوز إجبار المملوك على النكاح.
واحترز الشيخ بقوله: ثابت النسب، عما إذا كان الحمل من وطء زنى؛ فإنه لا تثبت به الحرمة من جهة الواطئ، والأحكام من جهة الأم ثابتة.
قال الرافعي: وقد حكينا في النكاح وجهاً: أن الزاني لا يجوز له أن ينكح بنت الزنى؛ فيشبه أن يجيء ذلك الوجه هنا.
وعن المنفي باللعان إذا ارتضع طفل بلبنه؛ فإن الحكم فيه كولد الزنى.
نعم، إذا استلحقه ثبتت حرمة الرضاع- أيضاً- كما إذا نفاه بعد الرضاع انتفت حرمة الرضاع تبعاً، وإن لم يتعرض لنفيه في اللعان.