الزوج لا يملك إلا نصف المعقود عليه؛ ولهذا [إنه] لا يلزمه إلا نصف المسمى، وإذا لم يملك إلا النصف لم يغرم له إلا قيمته وهو نصف مهر المثل، وهذا هو الصحيح.
قال: وفيه قول آخر: أنه يلزمه مهر مثلها؛ لأنه أتلف عليه بضعها، ومن أتلف على إنسان شيئاً وجب عليه قيمته، وقيمة البضع مهر المثل. وهذا مخرج من نص الشافعي فيما إذا رجع شهود الطلاق قبل الدخول: أنه يجب عليهم جميع مهر المثل، وبه قال أبو سعيد الإصطخري، وخرج في مسألة الطلاق من هاهنا- أيضاً- وجهاً، وبعضهم يرويه منصوصاً.
وهذا القول الثاني في الكتاب صححه أبو علي والإمام وجماعة، وقطع أبو إسحاق بتقرير [النصين]، وفرق بأن الرضاع يوجب الفرقة حقيقة، وحقيقة المفارقة قبل الدخول لا توجب إلا النصف كالمفارقة بالطلاق.
وفي الشهادة النكاح باق في الحقيقة بزعم الزوج والشاهدين، إلا أنهما بالشهادة حالا بينه وبين البضع؛ فيغرمان قيمته؛ كالغاصب يحول بين المالك والمغصوب.
وحكى الشيخ أبو علي وآخرون على طريقة إثبات الخلاف قولين:
أحدهما: أنه يرجع بنصف المسمى؛ لأنه الذي فوت على الزوج، وينسب إلى رواية القفال.
فعلى هذا: لو كانت التي انفسخ نكاحها أمة مفوضة فالواجب المتعة؛ لأنها الواجبة على الزوج، كما صرح به ابن الحداد، لكن من غير بناء على هذا الأصل.
والثاني: أنه يرجع بتمام المسمى؛ لأنه قد التزمه، والتشطير أمر ثبت على خلاف القياس، فيختص بالزوجين؛ فتحصلنا على أربع مقالات.
أما إذا كان ذلك بعد الدخول، كما لو أرضعت أم الكبيرة المدخول بها أو جدتها زوجته الصغيرة، فإنه ينفسخ نكاحهما، وما تغرمه للزوج بسبب انفساخ نكاح الصغيرة قد تقدم.