وهل تغرم بسبب انفساخ نكاح الكبيرة له شيئاً؟ فيه قولان.
الذي ذهب إليه أكثر الأصحاب منهما: أنها تغرم له تمام مهر المثل؛ كشهود الطلاق.
والثاني- وينسب إلى رواية المزني- في "المنثور"، وبه قال ابن الحداد-: أنها لا تغرم شيئاً لأجل ذلك؛ لأنه استوفى منفعة البضع، فلم يجب له شيء؛ كما لو ارتدت.
ولأنه لو أخذ المهر لصارت في معنى الموهوبة.
ولو كانت الزوجة الكبيرة هي المرضعة فلا يرجع الزوج عليها بسبب انفساخ نكاحها بشيء.
وفي "الإبانة": أنه يسقط مهرها المسمى، ويجب لها مهر المثل.
ثم اعلم أنه لا فرق- فيما ذكرناه-:
بين أن تقصد بالإرضاع فسخ النكاح أو لا.
[ولا] بين أن يجب عليها- بألا يكون [ثم غيرها]- أو لا يجب.
وعن الشيخ ابي حامد احتمال في أنه لا غرم عليها إذا أرضعته وجوباً، وقد حكاه العمراني في "الزوائد" في النكاح، عند الكلام في مسائل شتى وجهاً عن بعض الأصحاب، والماوردي هاهنا، ثم قال: وهذا لا وجه له في سقوط الغرم، وإنما هو وجه في سقوط المأثم، كمن خاف تلف نفسه؛ فأحياها بمال غيره- ضمن، ولا يأثم.
ولا بين ألا يكون من المرتضع فعل أو وجد منه الفعل مع تمكينها، قال في "البسيط": لأن الإرضاع منها بحكم الطبع فلا وقع له، ولم ينزل هذا منزلة انفلات الطائر عند فتح باب القفص، والفرق غامض.
وقال في "الحاوي": فيه وجهان محتملان:
أحدهما: يغلب فيه فعل الكبيرة.
والوجه الثاني: أنه يحال التحريم عليها، فيسقط من نصف المهر ما يقابل