بالمعروف، ومن المعروف أن يطعمها ما يطعم أهل البلد.
وأما اعتبار الحب، دون الدقيق والخبز؛ فبالقياس على الكفارات.
ولا فرق في ذلك بين القمح والأرز والشعير والتمر والأقط في حق أهل البوادي الذين يقتاتونه.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن بعض أصحابنا قال: إن كان الأغلب في بعض البلاد أنهم لا يطحنون الأطعمة بأيديهم، لم يفرض لها إلا الدقيق، وإن كانت العادة أن المرأة تطحنه برحى يد فلا بأس أن يفرض لها الحنطة.
وعلى المذهب: هل يجب عليه أجرة طحن الحب وخبزه؟ ينظر:
إن لم تكن ممن جرت عادتها بتعاطي ذلك بنفسها وجبت، وإن كانت ممن جرت عادتها بذلك- كأهل البوادي- كان عليها دون الزوج، صرح به الماوردي.
وفيه وجه: أنها تجب مطلقاً.
ووجه: أنها لا تجب مطلقاً.
ولو نذرت الطعام أو باعته، فهل يسقط حقها من مؤنة إصلاحه؟ فيه تردد للإمام.
هذا هو المشهور من المذهب، ووراء ما ذكرناه في قدر الطعام قولان آخران:
أحدهما- عن رواية الشيخ ابي حامد: أنه يعتبر بقدر الكفاية كنفقة القريب، وقد يحتج له بقوله- عليه السلام- لهند، وقد قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح، ما يعطيني من النفقة ما يكفين ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال:"خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" كما رواه مسلم، فسوى بينها وبين الولد، وفي هذا الحديث فوائد نذكرها من بعد، إن شاء الله تعالى.
وبأن النفقة تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، والتمين يعتبر بكفاية الزوج؛ فوجب أن يكون ما يقابله من النفقة مقدراً بكفاية المرأة كالمقاتلة، لما لزمهم كفاية المسلمين في جهاد عدوهم استحقوا على المسلمين في بيت مالهم قدر كفايتهم.