للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان حقاً لساقه إليها، [ولما استحل أن يقيم على الامتناع من حق واجب عليه، ولكان إن أعوزه الحال يسوقه إليها] من بعد، أو يعلمها بحقها ثم يستحلها؛ لبراءة ذمته؛ وذلك يدل على عدم الوجوب بالعقد.

ولأن النفقة مجهولة، والعقد لا يوجب مالاً مجهولاً، وإذا لم تجب بالعقد فتجب بالتمكين يوماً فيوماً.

وهذان القولان ادعى ابو الفرج السرخسي أنهما منقولان في "الإملاء"، وادعى الإمام وغيره أنهما مستخرجان من معاني كلام الشافعي- رضي الله عنه- وادعى الرافعي أن من جملة ما يدل على ذلك ما حكيناه عن الماوردي أولاً.

وفيه نظر؛ لأن الماوردي صدر كلامه بأنها لا تجب بالعقد، وأن على قول البصريين تجب بالعقد والتمكين شرط، ومحال أن يجب الشيء قبل وجود شرطه.

نعم، يمكن رده إليه؛ بأن يجعل التمكين- على قول البصريين- شرطاً في التسليم، لا في نفس الإيجاب؛ كما حكاه عن القديم.

واعلم أن في هذه العبارة: "أن النفقة تجب بالتمكين [أو بالعقد] "- تساهلاً؛ فإن الإمام قال: إن النفقة الدارة لا تجري مجرى الأعواض- على التحقيق- وإنما هي كفاية في مقابلة ارتباط المرأة بحالة الزوجية؛ فإن للزوج سلطان منعها عن التسليط، فقابل الشرع ما أثبت له من الأحكام عليها بإيجاب كفاية وظييفتها عليه، والصداق هو المذكور على صيغة الأعواض في مقابلة البضع، ثم صح عند المحققين أنه خارج عن حقائق الأعواض، وإذا كان لا ينتصب الصداق عوضاً محققاً فالنفقات لا يتحمل ثبوتها عوضاً في العقد، ولكن انقدح معنيان:

أحدهما: احتباسها بالعقد على الزوج.

والآخر: تمكن الزوج من الاستمتاع.

ولم يختلف العلماء أنها لو نشزت فلا نفقة لها في زمان النشوز؛ فلما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>