تكن النفقة عوضاً لمنافع البضع حتى يتوقف استقرارها على توفية المنافع المقابلة مقابلة الأعواض على التحقيق- قال قائلون: تجب بالعقد النفقة، ومعناه أنها تجب بالاحتباس الذي أوجبه العقد. وقال آخرون: تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، والله أعلم.
قال: فلو ضمن عنه نفقة مدة معلومة، أي: في المستقبل- جاز، أي: تفريعاً على القول القديم؛ لأن في القديم يصح ضمان الدين الذي لم يجب، ولم يوجد سبب وجوبه؛ فكيف وقد وجد الوجوب؟ وعلى هذا: فلا يضمن إلا نفقة المعسرين، وإن كان الزوج موسراً أو متوسطاً؛ لأنها المنتفية.
وفي "التتمة" وجه آخر: أنه يصح ضمان نفقة المعسرين والمتوسطين؛ لأن الظاهر استمرار حاله.
ولو ضمن النفقة مطلقاً، ولم يقيد بمدة- قال الرافعي: لم يصح ضمان ما بعد الغد، وفي ضمان الغد وجهان؛ أخذاً من الخلاف فيما إذا قال: أجرتك كل شهر بدرهم.
قلت: وهذا لا يحسن إذا كان التفريع على القديم؛ لأن ضمان المجهول فيه جائز، كما تقدم.
وقد حكى الشيخ أبو حامد أن الشافعي قال: لو قال الأب لولده: ضمنت لك النفقة أبداً- فهذا ضمان مجهول. وقد أجازه كذا حكاه مجلي في الضمان.
وعلى القول الجديد: لا يصح ضمان نفقة الزمان المستقبل؛ لأنه ضمان ما لم يجب. وأشار الإمام إلى أنه على قولين، مع تفريعنا على أن ضمان ما لم يجب باطل؛ لأن سبب وجوب النفقة على تعاقب الأيام ناجز. وهذا ما أورده الغزالي حيث قال: وفي ضمان نفقة المرأة الغد- وكذا كل ما لم يجب ولكن جرى سبب وجوبه- قولان في الجديد.
قال الرافعي: "وفيه إشكال، لأن سبب النفقة إما النكاح أو التمكين في النكاح: إن كان الأول فالنفقة واجبة؛ فكيف قال: ولم تجب؟ وإن كان الثاني فالسبب غير موجود.