للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يقال في الجواب: ليس المراد من سبب الوجوب هاهنا ما [يقترن به] الوجوب؛ بل المراد منه الأمر الذي إذا وجد، استعقب الوجوب ظاهراً عند وجود أمر آخر، ويتأيد ذلك بأنهم نقلوا قولين فيما إذا ضمن أرش الجناية وما يتولد منها، ومعلوم أن الجناية ليست سبباً لما يتولد منها إلا على هذا التفسير. وأما عند قولنا: سبب الوجوب النكاح أو التمكين، فنعني به: ما يقترن به الوجوب، هذا آخر كلامه في كتاب الضمان.

قلت: [و] قد يظهر أن الخلاف الذي حكاه الإمام في الجديد يستنبط مما حكيناه عن البغداديين والبصريين في أن النفقة بماذا تجب؟ ويتفرع على القولين- الجديد والقديم- أيضاً [فوائد] عند المراوزة:

منها: لو اختلفا في التمكين، فقالت المرأة: مكنت وسلمت نفسي من وقت كذا، وأنكر الزوج- فإن قلنا بالقول الجديد فالقول قوله، وعليها البينة، وإلا فقولها، وهو ما نسبه البغوي إلى "الإملاء".

وقد أشار الروياني إلى القطع بأن القول قوله، وهو الذي يقتضيه إيراد الشيخ على القول القديم- أيضاً- فإنه جعل التسليم شرطاً في وجوب التسليم، والقاعدة: أنه متى وجد الشك في الشرط لا يترتب الحكم، ويكون الشيخ نبه بقوله: "إلا أنه لا يجب التسليم إلا بالتمكين يوماً فيوماً" إلى هذا الحكم.

ومحل الخلاف مصور في "الوجيز" و"الوسيط" بما إذا تنازعا في النشوز.

قال الرافعي: ولفظ الأكثرين كما صورناه فيه، ويجب أن يكون ما ذكره محمولاً عليه.

أما إذا توافقا على حصول التمكين، واختلفا في أنها نشزت وخرجت عن الطاعة أم لا- قال: فينبغي أن يقطع بتصديقها؛ فإن الأصل عدم النشوز، واستمرار الواجب، وهكذا ذكره القاضي ابن كج بعدما أجاب فيما إذا اختلفا في أصل التمكين بأن القول قوله. وحكى مع ذلك وجهاً ضعيفاً: أن القول- أيضاً- قوله؛ لأن الأصل براءة الذمة. هذا آخر كلامه، وما أبداه احتمالاً ونقلاً عن

<<  <  ج: ص:  >  >>