للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان محظوراً لسبب؛ فساغ له إنفاقه.

ولو قدر على مد من شعير دون غيره: فإن كان في بلد يقتات فيه فقراؤه الشعير لم يفسخ، سواء جرت عادتها [باقتيات الشعير أم لا وإن كان في بلد لا] يقتات الشعير كان لها الخيار، وهل هذا الرفع طلاق أو فسخ؟

حكى الطبري: أن الذي قاله الشيخ أبو حامد، ولم يذكر غيره: أنها لا تفسخ بنفسها، بل ترفع الأمر إلى الحاكم حتى يأمره بالطلاق، أو يطلق عليه.

وفي "الشامل": أن الحاكم يفسخ بينهما النكاح.

وحكى المراوزة فيه وجهين:

أصحهما في "التهذيب": أنه فسخ، وهو ما جزم به القاضي الحسين في "التعليق"، وضعف الإمام مقابله؛ بأنه إذا طلق أو طلق عليه إنما يكون رجعياً، وذلك لا يسقط النفقة، ثم أجاب بأن ذلك محل ضرورة؛ فإن العدة لا بد منها.

وقد يستدل له بما روي أنه- عليه السلام- قال: "ابْدَأ بمَنْ تَعُولُ" فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: "امْرَأتُكَ تَقُولُ: أَطْعِمْني وإلَّا فَارِقْنِي" كما خرجه النسائي.

واستدلله أبو يعقوب الأبيوردي بما كتبه عمر إلى أمراء الأجناد.

وبنى في "التتمة" الوجهين على القولين في أن المولي يطلق الحاكم عليه، أو يحبسه ليطلق؟

إن قلنا: يطلق، فيطلق هاهنا، وإن قلنا: يحبسه، فهاهنا لا يمكن الحبس؛ لأنه عاجز؛ فلا يبقى للخلاص طريق إلا الفسخ.

قال الرافعي: ولك أن تقول: العاجز عن الإنفاق لا يجوز حبسه لينفق، ولكن لا يبعد أن يحبس؛ ليكلف الإنفاق، أو يطلق كما ذكر في الكتاب- يعني: "الوجيز"-: حتى يحسبه؛ لينفق، أو يطلق.

وعلى كلا الوجهين لا بد فيه من الرفع إلى القاضي.

أما إذا قلنا: إنه طلاق، فليعرض عليه أن ينفق بالإقراض أو غيره، أو يطلق، فإن أبى ذلك طلق عليه طلقة رجعية؛ كما في المولي- على الأصح- أو يحبسه ليطلق، فإن راجعها طلق عليه ثانية إلى أن يتم الثلاث، إلا أن ينفق عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>