قال الإمام: وقد ذهب الأقلون- أي: من الأصحاب-: إلى أنه يفوت وقتها بصيرورة ظل كل شيء مثليه؛ تمسكاً بحديث جبريل. قال: وهو غير معدود من متن المذهب، وقد عزاه الناقلون إلى الإصطخري، والذي نص عليه الشافعي- رضي الله عنه- وتابعه عليه الأئمة: الأول.
وقد أفهم كلام الشيخ أن من صيرورة ظل الشيء مثله إلى أن يصير [ظله مثليه] كله وقت اختيار، [ومنه] يفهم- أيضاً- أن جميع وقت الظهر [وقت] اختيار؛ لأن مستند جعل ما بين صيرورة ظل الشيء مثله إلى أن يبلغ مثليه، بيان جبريل، [وجميع وقت الظهر شمله بيان جبريل]، ولاشك في أن ما اشتمل عليه بيان جبريل في وقت العصر وقت اختيار، لكن منه ما يسمى وقت فضيلة: وهو أول الوقت؛ وعليه يدل قوله من بعد:"والأفضل تقديم الصلاة في أول الوقت" وسنذكره، [وباقيه] إلى آخر بيان جبريل وقت اختيار لا غير؛ ولأجل ذلك قال أبو علي الطبري: للعصر ثلاثة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار- وقد بيناهما- ووقت جواز، وهو ما جاوز بيان جبريل إلى غروب الشمس. وبعضهم يقول: للعصر أربعة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار- كما ذكرنا- ووقت جواز من غير كراهة- وهو ما جاوز بيان جبريل إلى الاصفرار- ووقت جواز مع الكراهة: وهو وقت الاصفرار للمؤخِّر [من غير] عذر. والمعنيُّ بكون هذا وقت كراهة: أنه يكره تأخير الفعل إليه؛ لأنه روي أنه- عليه السلام- قال:"تلك صلاة المنافقين: يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً".
وهذا كله بالنسبة [إلى أرباب] الرفاهية الذين لا عذر لهم، ولا ضرورة بهم. أما من له عذر: وهو المسافر والمقيم في موضع يصيبه المطر؛ [فيزداد] في حقه