للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم: إن كان ذلك يحط من منصبه، فليس له ذلك.

وعلى الجملة: ما اتفق عليه الأصحاب من وجوب نفقته على الأب، مع كونه كسوباً تأثيره يظهر فيما إذا ترك الاكتساب بالهروب، أو لم يطعه، مع تكليفه، فلما جاع- عاد طالباً للنفقة؛ فإنه تجب نفقته؛ بخلاف البالغ.

وما ذكرناه من الطرق هو المشهور للأصحاب، ولم يفرقوا بين اكتساب واكتساب.

ومنهم من وضع الخلاف [أولاً] في اشتراط العجز عن الكسب اللائق به، ثم قال: إن شرط ذلك ففي اشتراط العجز عن كل كسب بالزمانة وجهان، ورأوا الأعدل والأقرب: الاكتفاء بعجزه عما يليق به من الاكتساب، وإجراء النفقة، مع القدرة على الكنس وحمل القاذورات وعلى ذلك جرى الإمام والغزالي.

قال الرافعي: وهذا حسن.

فرع: لو كان مال الولد غائباً، فعلى الوالد أن ينفق عليه قرضاً موقوفاً:

فإن قدم ماله سالماً- رجع الأب بما أنفق عليه، سواء أنفق بإذن الحاكم أو بغير إذنه، إذا قصد الرجوع؛ لأن أمر الوالد في حق ولده أنفذ من حكم الحاكم.

وإن هلك مال الولد قبل قدومه، لم يرجع عليه بما أنفق من حين تلف المال؛ لأنه بان أن نفقته واجبة عليه، حكاه الماوردي.

تنبيه: اقتصار الشيخ من الأقارب على ذكر الأصول والفروع، مع شمول الاسم لغيرهما- يعرفك أن [هذا] الحكم مختص بهما، ولا يتعداهما إلى غيرهما.

وقد خالف أبو ثور في وجوب نفقة الولد على الوارث؛ استدلالاً بقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣]، وأشار الشافعي إلى الجواب عن ذلك بأنها لو كانت على الوراثة لوجب على الأب ثلثا نفقة الولد، وعلى الأم الثلث، وقد قال الله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣].

وأما قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} فقد قال ابن عباس: ألا تضار الأم بانتزاع الولد منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>