ولأن السيد مالك لتصرف عبده وكسبه؛ فوجب أن يكون ملتزمًا لنفقته وكسوته؛ لما يلزمه من حراسة نفسه.
وقد اتفق العلماء على إيجاب النفقة للملوك, والمرا بالنفقة: الطعام والإدام, وذلك غير مقدر, بل الواجب فيه قدر الكفاية؛ كنفقة القريب, وفي قدر الكفاية وجهان:
أحدهما: كفاية مثله في الغالب, [و] لا يعتبر حاله في نفسه.
والثاني: يعتبر حاله في نفسه؛ فتراعى رغبته وزهادته, فإن لم يكفه ما يكفي مثله غالبًا فعلى السيد الزيادة, وهذا ما اختاره ابن الصباغ.
وقال الماوردي: إن كان يؤثر فقد الزيادة في قوته وبدنه لزمت السيد, وإلا فلا.
قال الرافعي: وينبغي أن تجيء هذه الوجوه [قويها وضعيفها] في نفقة القريب.
وجنس النفقة: غالب القوت الذي يطعم منه المماليك في البلد. فإن كان دون قوت السادة لم يجب عليهم أن يطعموهم إلا منه.
وما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إخوانكم خولكم, جعلهم الله تحت أيديكم, فمن [كان] أخوه تحت يده – فليطعمه مما يأكل, ويكسوه مما يلبس" – فهو محمول على مكارم الأخلاق, أو في حق من قوته من جنس قوت العبيد, وكسوته متقاربة؛ للجمع بينه وبين حديث أبي هريرة.
والمرجع في الأدم والكسوة – أيضًا – إلى العرف.
ويجري على حال السيد في اليسار والإعسار؛ فيجب من رقيق الجنس وخشنه, ولا يجوز الاقتصار في الكسوة على ستر العورة, وإن لم يتأذ بالحر والبرد.
فرع: لو كان السيد يطعم ويلبس دون المعتاد غالبا, إما بخلا أو رياضة – فيلزمه رعاية الغالب للرقيق, أو له الاقتصار على ما اقتصر عليه السيد؟ فيه وجهان, أشبههما الأول.