حيث قال: وعلى هذا أبداً كلما اختار واحداً بعد واحد حول إليه.
وقال الإمام: إذا تردد الصبي تردداً كثيراً، قال الأصحاب: كان ذلك دالاًّ على خرقه؛ فيتبين أنه ليس مميزاً، ويقر في حضانة الأم، ثم قال: وهذا فيه نظر؛ فإنه لا ينكر في حالة الصبي وإن كان على كيس تام، وتمييز ولو تكرر ذلك ما أراه شاهداً، ولا وجه عندي في ذلك إلا اتباعه، على شرط ألا تتعطل أركان الحضانة بالتردد.
واعلم أن الشيخ – رحمه الله – ذكر عند تخيير الصبي في حالة الصبي في حالة التنازع حالة من ثلاث أحوال، ولم يتعرض لما سواها، ولا غنى عن ذكرهما:
فالأولى: أن يختارهما؛ فلا يجتمعان فيه مع التنازع، ويقرع بينهما، فأيهما خرجت القرعة له، كان أحق بكفالته.
والثانية: ألا يختار واحداً منهما، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يقرع بينهما – أيضاً – وهو ما حكاه في "المهذب".
والثاني- وهو الأشبه عند الرافعي، والمذكور في "البسيط": أن الأم أحق؛ لأنه لم يختر غيرها، وكانت الحضانة لها؛ فتستصحب ما كان [لها].
قال: فإن لم يكن له أب ولا جد، وله عصبة غيرهما – خير بين الأم وبينهم، على ظاهر المذهب، أي: في أن لهم حقًّا في الحضانة، كما تقدم.
ووجهه ما روي عن عمار الجرمي قال: خَيَّرَنِي عَلِي – كرم الله وجهه – بَينَ أُمِّي وَعَمِّي، وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنيِنَ أَو ثَمَانٍ، وَقَالَ لأخٍ لِي هُوَ أَصْغَرُ مِنِّي: وَهَذَا – أيضاً لَو – قَدْ بَلَغَ لخيرته.
ولأنهم عصبة مناسبون كالأب.
وفيه وجه – على ظاهر المذهب – حكاه الماوردي والرافعي وغيرهما: أنه لا يخير، وتكون الأم أحق بكفالته من غير تخيير؛ لاختصاصها بالولادة.
قال: فإن كان العصبة ابن عم، أي: تحل له – لم تسلم البنت إليه؛ لأنه ليس بمحرم؛ فتحصل الخلوة المحرمة.