وظاهر هذا الكلام يدل على أنها تخير بينه وبين الأم، لكن لا تسلم إليه، بل إلى غيره، وهو قضية ما في "الشامل"؛ فإنه قال: إذا كانت له بنت سلمت إليها. وقريب مما حكاه الرافعي فيما إذا أثبتنا له حق الحضانة، وبلغت حدًّا يشتهي مثلها، لم تسلم إليه، ولكن له أن يطلب تسليمها إلى امرأة ثقة، ويعطي أجرتها.
وإن كانت له بنت، سلمت إليها، والموجود في "المهذب" وتعليق البندنيجي وغيرهما: أنها لا تخير بينهما، وتكون الأم أحق بها.
وبنات الخالات وبنات العمات، إذا أثبتنا لهن حق الحضانة، وكان المحضون صغيراً فإذا بلغ إلى سن يشتهي سقط حقهن، صرح به الرافعي، والله أعلم.
قال: وقيل: لا حق لغير الآباء والأجداد في الحضانة- أي: كما ذكره من قبل؛ فلا يخير بينهم وبين أمه ولو كان للصبي أب وأخوات من أم، أو الخالات، وقدمناهن عليه في الحضانة – ففي تخييره بين الأب وبينهن وجهان، ولو كان له عصبات من الرجال [ومن له حق الحضانة من النساء دون الأمهات، فهل يخير بينهن؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها:] لا يخير، وتكون العصبات أحق.
والثاني: لا يخير، وتكون نساء القرابات أحق.
والثالث: يخير بين عصباته وبين قراباته إذا تساوت درجتهم، فإن تساوي اثنان من عصبته كالأخوين، أو اثنتان من قراباته كالأختين – ففيه وجهان:
أحدهما: يخير بينهما أيضاً.
والثاني: يقرع [بينهما] ولا يخير، ويستحقه من قرع منهما، كذا قاله الماوردي.
واعلم أن ما ذكرناه من التخيير بين الأبوين ومن عداهما مفروض فيما إذا لم يكن [للمكفول] زوج إن كان أنثى، أو زوجة إن كان ذكراً، أما إن كان له زوج كبير، وأمكنه الاستمتاع بها، أو زوجة كبيرة وأمكنه الاستمتاع بها – فالزوج والزوجة أحق بكفالته وإن كانا أجنبيين من جميع قراباته؛ لما جعل الله بين الزوجين من المودة؛ فكان أسكن إليهما، وهما أعطف عليه.