قال الغزالي: وهذا ضعيف؛ لأن معنى العمد لا يختلف بالجرح والمثقل؛ فإن الجارح كما يؤثر في الظاهر بالشقِّ والتخريب يؤثر المثقل في الباطن بالهد والترضيض، واختار – بعد ذلك – ترك الضبط، وأن يقال: حصول الموت بالسبب إما أن يكون نادراً، أو كثيراً، أو غالباً، [وليس كل كثير غالباً]؛ فإن المرض كثير، وليس بغالب، ولا نادر، بل الغالب الصحة، والجذام نادر لا كثير ولا غالب؛ فكل ما كان حصول الموت به غالباً فيلتحق بما يكون حصول الموت به ضرورياًّ، وإن كان يهلك كثيراً، فإن كان الفعل بجارح ألحق بالغالب، وإن كان بغير [مثقل كالسوط] والعصا لم يتعلق به قصاص.
قال:"ولا يجب القود غلا في العمد".
أما وجه وجوبه فيه عند اجتماع شرائطه وهي صفته بكونه عدواناً من حيث كونه مزهقاً للروح، والمكافأة في القتيل، وغير ذلك على ما سنبينه؛ فلما ذكرناه في أول الكتاب.
وأما عدم وجوبه في الخطأ؛ فلقوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}[النساء: ٩٢]، فأوجب الدية، ولم يتعرض للقصاص، وللخبر المشهور.
وأما عدم وجوبه في عمد الخطأ؛ فلما روى أبو داود، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهم – في حديث طويل، أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: ["أَلاَ] إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ – مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا – مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا"، وأخرجه