للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: تقييد الشيخ إيجاب القود في الصورتين الخيرتين بعدم القدرة على التخليص، يشعر بأمرين:

أحدهما: أنه إذا قدر عليه لا يجب القود.

الثاني: أنه لا يتوقف وجوب القود فيما عدا الصورتين على عدم القدرة على الخلاص، بل يجب وإن قدر المجني عليه عليه.

والإشعار الأول صحيح على ما حكاه الماوردي والمحاملي والبندنيجي وغيرهم من العراقيين، إلا القاضي أبا الطيب؛ فإنه حكى في "تعليقه" فيما إذا قدر على التخلص من النار ظاهراً؛ كما قاله الفوراني، أو قال: يمكنني أن أخرج منها، ولم أفعل؛ كما صوره ابن الصباغ في وجوب القود – قولين:

أحدهما: نعم؛ كما لو جرحه، فترك التداوي، ولم يزل متألماً ضمناً إلى أن مات، وهذا ما جزم به الفوراني، وحكاه القاضي الحسين، ونسبه ابن كج إلى القاضي الحسين، وجماعة إلى القفال، وبه أجاب العبادي في "الرقم".

وحكى الإمام مثله وجهاً في مسألة الماء أيضاً إذا قلنا بأنه يوجب الدية.

وقال الرافعي: إن صاحب "الرقم" حكى عن بعض البغداديين من الأصحاب أنهم صاروا إليه؛ تخريجاً من مسألة النار.

والقول الثاني في مسألة النار: أنه لا يجب، وهو الذي أبداه القاضي الحسين احتمالاً، واختاره الشاشي لنفسه، وحكاه المحاملي عن النص؛ حيث قال: قال الشافعي: لا قود فيه ولا عقل.

قال الأصحاب: والفرق بين هذا وبين المجروح؛ إذا تمكن من مداواته، فلم يفعل حتى مات – من وجهين:

أحدهما: أن موته بالجرح حصل من السراية، وهي من فعل الجارح، وموته هنا حصل من إقامته؛ وهي من فعل المطروح.

والثاني: أن برءه بالتداوي مظنون؛ فلا يسقط لأجله حكم الجناية المتحقق، وليس كذلك في مسألتنا؛ فإن سلامته بخروجه من النار متحققة، فإذا لم يفعل سقط [القود]؛ ولهذا نقول: إذا فتح عرقه؛ فلم يعصبه حتى مات – لم يجب ضمان بقود ولا دية.

<<  <  ج: ص:  >  >>