وفي "التهذيب" وغيره: أنه لا فرق بين الحالتين، وقد ادعى الجيلي أن القول المخرج هو الصحيح.
قال الإمام: إن معظم الأصحاب لم يرتضوا التخريج، وفرقوا بين الصورتين بان القتل في مسألة تلقي القاد صدر من فاعل مختار يفعل برأي وترو؛ فقطع أثر السبب الأول، والحوت يلتقم بطبعه كالسبع الضاري؛ فجاز ألا يقطع السبب الأول؛ ألا ترى أنه لو أمسك إنساناً فقتله إنسان آخر – فلا قصاص على الممسك، [ولو هدفه لوثبة أسد ضار، فافترسه – فالقصاص على الممسك؟!].
وغيره فرق: بأن الإلقاء من الشاهق قد لا يهلك؛ فإن الريح ربما رفعت الملقي وعطفته؛ فيصيب الأرض بلا شدة ولا صدمة؛ فيسلم، فإذا طرأ عليه القد بطل أثره، والإلقاء في الماء المغرق مهلك لا محالة؛ فلا ينظر إلى ما يحدث بعده.
قال الرافعي: وهذا يفهم القطع بوجوب القصاص إذا كان التقام الحوت بعد وصوله إلى الماء، وفي إيراد الشيخ أبي حامد وغيره من الأئمة العراقيين ما يشعر به.
وحكى الماوردي عن بعض الأصحاب أنه نفي الخلاف في المسألة، وحمل القولين على اختلاف حالين، وقال: الأول محمول على نيل مصر الذي يغلب عليه التماسيح؛ فلا يسلم منها أحد. والثاني: محمول على غيره من البحار والأنهار التي تخلو – غالباً – عن مثله. وحكى في باب القصاص بغير السيف، في مسألة التلقي بالسيف وجهان: أن القاتل هو الملقي دون القادّ؛ لأنه بإلقائه كالموحي، وكذلك حكاه الإمام في "باب وضع الحجر" عن بعض التصانيف، وضعفه ونسبه البغوي إلى الشيخ أبي حامد، وقال: إنه ليس بصحيح.
وحكى البندنيجي وابن الصباغ- قبيل باب التقاء الفارسين، والشيخ في "المهذب" في باب الديات، مع الوجه الأول فيها وجهاً آخر: أنهما شريكان في الضمان، وادعى الإمام في باب وضع الحجر: أن أحداً من الأصحاب لم يحكه،