النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥]، وقد تقدم في أول الكتاب وجه التمسك بها؛ ولأن الحاجة كما دعت إلى صيانة النفوس بالقصاص دعت إلى [صيانة] ما ذكرناه به.
قال: فأما الجروح، أي: وهي التي تشق ولا تبين – فيجب في كل ما ينتهي إلى عظم؛ كالموضحة، وجرح العضد والساق والفخذ، أما في الموضحة؛ فللإجماع، حكاه المتولي، وأما فيما عداها فللآية، ولأنه يمكن اعتبار المماثلة فيها؛ لكون نهايتها معلومة؛ فجرى القصاص فيها كالموضحة.
قال:[وقيل]: لا يجب فيما عدا الموضحة؛ لأنه لما خالفها في تقدر الأرش خالفها في غيره، فهذا ما صار إليه كثير من أصحابنا؛ كما قال الماوردي، وذكر هو والقاضي أبو الطيب أنه فاسد مذهباً وحجاجاً:
أما المذهب؛ فلأنه خلاف نص الشافعي؛ فإنه قال في كتاب "الأم": إن الموضحة إذا كانت على الساق لم تصعد إلى الفخذ، ولم تنزل إلى القدم، وإن كانت على الذراع لم تصعد إلى العضد، ولم تنزل إلى الكف.
وأما الحجاج؛ قال الماوردي: فهو أنه لما كان في البدن جرح مقدر، وهو الجائفة – وجب أن يكون فيه ما يوجب القصاص وهو الموضحة [كالرأس.
وقال أبو الطيب: ولأن القصاص إنما وجب في الموضحة]؛ لأن الجناية وصلت إلى عظم يمنع السكين، وهذا المعنى موجود، وإنما وجب الأرش المقدر في الموضحة، ولم يوجد فيما نحن فيه؛ لأن الشين في الوجه والرأس أعظم منه في البدن؛ فإن تيك لا تغطيها الثياب، وهذه تغطيها الثياب.
وحكم جرح الصدر أو العين أو الأصابع، إذا انتهى إلى عظم – حكم [جرح] العضد.