للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى القاضي الحسين والفوراني عن صاحب التقريب أنه إن أمكن أن يستوفي من يد كل منهم بقدر ما قطع يستوفي، والرافعي قال: إنه حكى ذلك قولاً.

وقال الإمام: إنه أخذه من قول الشافعي في أن القصاص هل يجري في المتلاحمة، ووجه الشبه: أن الموضحة يجري القصاص فيها كالإبانة، وقطع [بعض] اليد بعض الإبانة؛ كما أن المتلاحمة بعض الموضحة.

ووجه الفرق: أن جلدة الرأس وما عليها من لحم أجزاؤها متساوية؛ فإنها جلد ولحم، وليس فيها أعصاب، وعروقها جداول الدم، والعروق الرقاق لا يعتبر بها أصلاً، ومعظم اليد يشتمل على أعصاب ملتفة وعروق ساكنة وضارية، ويختلف وصفها في الأيدي؛ فلا يتأتى إجراء التماثل فيها.

وعلى الصحيح: يجب على كل منهم حكومة على قدر جنايته؛ بحيث يكون مجموعها بقدر دية اليد.

تنبيه: قول الشيخ:"في قطع طرف" يظهر أن يكون احترز به عما إذا اشتركوا في موضحة؛ بأن تحاملوا على آلة وجروها معاً، فإن في ذلك احتمالين للإمام:

أحدهما: أنه يوزع عليهم، ويوضح من كل منهم قدر حصته؛ لأن الموضحة قابلة للتجزئة، والقصاص جار في أجزائها؛ فصار كما لو أتلفوا مالاً يوزع عليهم الغرم، وعلى هذا فتعيين الموضع إلى اختيار المقتص منه، وهذا ما أجاب به [في] الوجيز.

والثاني: أنه يوضح من كل منهم مثل تلك الموضحة؛ لأنه لا [جزء] إلا وكل واحد منهم جان فيه؛ فأشبه ما إذا اشتركوا في قطع يد، وبهذا أجاب في التهذيب، وقال الإمام: إنه أقرب.

قال: ويجب القصاص في الجروح والأعضاء؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:١٢٦]، وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>