يدل على أن كل واحد منهما أصل بنفسه، ويدل على صحة هذا: أن لابس الخف بالخيار بين أن يمسح عليه بشرطه، وبين أن ينزعه ويغسل الرجل، ولا يقال: إن كل واحد من الفعلين أصل بنفسه، بل المسح بدل عن الغسل، وهو الأصل.
وللقولين فوائد تظهر من بعد، إن شاء الله تعالى.
قال: وهو بالخيار بين أن يقتص [وبين أن] يعفو؛ لأنه حق ثبت له؛ فكان مخيراً في استيفائه وإسقاطه كسائر الحقوق، وهذا الخيار على التراخي، صرح به الغزالي وغيره في الشفعة.
فرع: إذا تضرع من عليه القصاص لولي القتيل، وسأله أخذ الدية منه، والعفو عن قصاصه؛ فاخذ الولي المال من غير تصريح بالعفو؛ فهل يكون عفواً عن القصاص عليه؟ فيه وجهان، حكاهما الإمام، عند الكلام في قطع اليمين عن اليسار.
قال: فإن عفا – أي: عن القصاص على الدية – وجبت الدية؛ أي: وإن قلنا: [إن] الواجب القصاص عيناً، ولم يرض الجاني بذلك؛ لعموم الخبر، والحكم بعد موت الجاني قبل العفو عن القصاص كالحكم بعد العفو عن القصاص على الدية.
وعن شرح مختصر الجويني: أن صاحب "الجامع" حكى [قولاً] عن القديم مثل [مذهب] أبي حنيفة أنه: لا يعدل إلى المال إلا برضا الجاني، وإذا مات سقطت الدية.
والمذهب الأول؛ لأنها جناية يجوز أخذ المال فيها؛ فلم يعتبر في جواز أخذه رضا الجاني؛ كما إذا قطع يداً تامة الأصابع [وهو ناقص الأصابع]، وقد سلم أبو حنيفة الحكم فيها، وعلى هذا قال الإمام: إذا كنا نخير الولي على القولين،