والثاني: لا تسقط به المطالبة بالمال؛ لأنه لم يسقطه، وإنما شرط انتفاءه وإلى هذا مال الصيدلاني.
فرع: إذا قال: عفوت عن القصاص ونصف الدية، ففي "تعليق" القاضي الحسين: انه لا خلاف في سقوط نصف الدية؛ لأنا إن قلنا: مطلقا لعفو [لا يوجب المال، فهو بهذا العفو موجب نصف الدية، وإن قلنا: مطلق العفو] يوجب المال؛ فهو بهذا العفو اسقط نصف الدية.
وفي "الرافعي" أنه حكى عن القاضي الحسين انه قال: هذه معضلة أسهرت الأجلَّة.
وحكى عن غيره أنها بمنزلة ما لو عفا عن القود ونصف الدية؛ فيسقط القود ونصف الدية.
قال: وإن اختار القصاص، أي: تفريعاً على قولنا: إن الواجب أحد الأمرين، ثم اختار الدية – لم يكن له [ذلك] على المنصوص؛ لأن باختياره القصاص سقط حقه من الدية؛ فلم يكن له الرجوع إليها؛ كما لو اختار الدية؛ فإنه يسقط حقه من القصاص، وليس له الرجوع إليه، وهذا ما صححه في "التهذيب"، فعلى هذا:[هل] يسقط حقه، من القصاص [أيضاً]؟ فيه وجهان، أصحهما في "التهذيب": لا. وقد شبه القاضي الخلاف بالوجهين في أن حق الشفعة والرد بالعيب هل يسقط بالمصالحة عليهما على مال، وقلنا بعدم استحقاق المال، وهما جاريان فيما إذا عفا عن القصاص ابتداء على مال غير الدية، ولم يقبل الجاني ذلك؛ كما حكاه البغوي، لكنا إذا أسقطنا القصاص في مسألة الكتاب بالعفو، لا يرجع إلى الدية، وفي المسالة التي ذكرناها إذا أسقطنا القصاص، وجعلنا عفوه كالعفو المطلق، فيجيء فيه الخلاف السابق، فإن قلنا: لا يسقط حقه