للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه؛ فنكل، فهل ترد على المدعي [أم لا]؟ فيه قولان:

وجه الرد: أن الشاهد قد سقط بنكوله؛ فيكون كاليمين تثبت في حق المدعي عليه ابتداء، وإذا ثبتت في حقه ابتداء، فنكل عنها- ردت على المدعي؛ كذلك هاهنا.

وقد تحصل لك من مجموع ما ذكرناه فيما إذا اختاره القصاص، ثم الدية، أو العكس- ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه إذا اختار أحدهما ليس له العود إليه.

[والثاني: أن له العود إليه]. وقد حكى هذا عن القفال أبو الفرج السرخسي في "أماليه"، وشبهه بما إذا أتلف كُرّ حِنْطَةٍ جيدة على إنسان، ولم يوجد هناك إلا كر حنطة رديئة؛ فإنه يتخير رب الحنطة بين أن يأخذه، وبين أن يعدل إلى القيمة، فلو قال: اخترت أحدهما، لم يبطل به خياره.

والثالث: إن اختار القصاص كان له الرجوع إلى الدية، وإن اختار الدية لم يكن له الرجوع إلى القصاص.

أما إذا قلنا: الواجب القصاص عيناً، لم يكن لعفوه عن الدية معنى، ولا له تأثير في القصاص ولا في الدية؛ لأن القود لم يعف عنه، والدية لم يستحقها مع بقاء القود؛ فلم يصح عفوه عنها، صرح به الماوردي.

فرع: إذا قال: عفوت عن الدية، وصححنا عفوه، فمات الجاني قبل استيفاء القصاص، كان المستحق الدية؛ لفوات القصاص بغير اختياره.

وعن القاضي ابن كج حكاية قول: انه لا رجوع له إلى المال بعد إسقاطه.

واعلم أن جميع ما ذكرناه مفروض فيما إذا كان الوارث مكلفاً غير محجور عليه، أما إذا كان غير مكلف؛ فلا أثر لعفوه، وإذا كان مكلفاً محجوراً عليه – نظر: فإن كان الحجر لحق غيره كالمفلس فله أن يقتص، ولو عفا عن القصاص سقط وأما الدية، فإن قلنا: موجب العمد أحد الأمرين، فله القصاص، وله العفو

<<  <  ج: ص:  >  >>