للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه لا معنى للعفو عن المال، مع بقاء [القود]، فالذي جرى منه لغو، وهو على خيرته الأولى، وكأنه لم يعف، والسبب فيه: أنا وإن كنا نثبت المال أصلاً فهو على قضية التبعية للقود؛ فيستحيل أن نثبت له المال مع بقاء القود.

والثالث وهو اختيار الشيخ أبي محمد -: أن العفو عن المال يلحق هذا القول [بقولنا]: موجب العمد القود المحض، وفائدة هذا القول: أنه إن عفا عنه على مال ثبت، وإن عفا مطلقاً ففي ثبوت الدية الطريقان السابقان:

أحدهما: القطع بعدم الاستحقاق.

والثاني: حكاية قولين أو وجهين، كما حكاهما أبو إسحاق.

ثم قال الإمام فيما إذا كانت صيغة الولي: اخترت القصاص -: الوجه أن ينبني على التصريح بإسقاط المال، فإن قلنا: العفو لغون فلا معنى لقوله: اخترت القصاص. وإن قلنا: العفو عن المال له حكم، فقوله: [ما] اخترت القصاص، هل يفيده؟ فعلى الوجهين اللذين ذكرناهما.

وقد عكس القاضي أبو الطيب الكلام في المسألة في "تعليقه"، فقال: إذا اختار القصاص، ثم عاد واختار الدية – ثبتت له الدية؛ لأنه يريد أن ينتقل من الأعلى إلى الأدنى؛ فجاز له ذلك. وإن اختار الدية، ثم عاد وقال: أنا اختار الآن القصاص- فهل يثبت له القصاص، أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه ليس [له] ذلك؛ لأنه يريد أن ينتقل من الأدنى إلى الأعلى.

والوجه الثاني: أن له ذلك؛ لأن برجوعه قد سقط حقه من الدية، ويكون كأنه اختار القصاص ابتداء.

وإن أصل هذه المسألة ما إذا ادعى إنسان على رجل شيئاً، وله [به] شاهد، فإنه يحلف معه ويستحق، فإن نكل عن اليمين، ورددناه على المدعي

<<  <  ج: ص:  >  >>