للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماوردي أن هذا ظاهر المذهب.

والثاني: أنه يجب القصاص، وإذا عفا عنه وجب نصف الدية؛ لأن القتل ليس من أثر الجناية التي عفا عن القصاص فيها، وإنما هو قتل ابتدأه، فلا يؤثر العفو عن الطرف شبهة فيه. وهذا ما صححه القاضي أبو الطيب، والإمام، والشيخ في المهذب، وغيرهم، ونسبه الماوردي إلى أبي عليّ بن أبي هريرة.

وقال المحاملي والبندنيجي: إنه المذهب.

قلت: وهذان الوجهان في هذه الصورة يمكن ان يُرَتَّبا على وجهين حكاهما صاحب "التقريب"؛ فيما إذا قطع إنسان يد رجل؛ فسرت الجراحة إلى نفسه، فعفا الولي عن القصاص في الطرف – هل يسقط حقه من القصاص في النفس، أم لا؟

فإن قلنا: لا يسقط، وهو القياس؛ كما لو كان مستحق القصاص في الطرف غير مستحقه في النفس – وصورته: أن يقطع يد عبد، ثم يعتق، فتسري الجراحة إلى نفسه؛ فإن القصاص في الطرف للسيد، وفي [النفس] لوارث العبد المعتق – لم يسقط هاهنا.

وإن قلنا: إنه يسقط في النفس؛ نظراً إلى أنه لما عفا عن الطرف؛ فكأنه ضمن سلامة الأطراف، وفي قتله إتلاف أطرافه – فهاهنا يجري الوجهان، ووجه الفرق: أن العفو عن قصاص الطرف في المسالة الثانية وجد قبل استحقاق القصاص في النفس؛ فضعف فيه الإلزام، [وفي الأولى وجد بعد استحقاق قصاص النفس، فقوى الإلزام].

لكن قد حكى الرافعي الجزم بأنه إذا قطع يده، ثم حز رقبته قبل الاندمال، فعفا وليه عن القطع- لا يسقط قصاص النفس. وهذا يبطل الفرق المذكور، والله أعلم.

قال: وإن كان القصاص لنفسين، فعفا أحدهما، أي: عن القصاص – سقط القصاص؛ لتمليكه صلى الله عليه وسلم استيفاء القتل لجملة الأهل؛ فلم يملكه بعضهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>