للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما روي: أن رَجُلاً قَتَلَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – فَجَاءَ وَرَثَةُ المقْتُولِ؛ فَقَالَتْ أُخْتُ المقْتُولِ – وَهِيَ امْرَأَةُ القَاتِلِ –قَدْ عَفَوتُ عَنْ حَقِّي، فَقَالَ عُمَرُ: عُتِقَ مِنَ القَتْلِ".

ولأن القصاص لا يتبعض، فإذا سقط بعضه – سقط جميعه، ويخالف حد القذف إذا ثبت لجماعة، فعفا بعضهم؛ حيث أثبتناه للباقين – على قول- لان حد القذف ليس له بدل ينتقل إليه، [والقصاص له بدل ينتقل إليه].

قال: [و] وجب للآخر حقه من الدية؛ لما روى زيد بن وهب قال: دخل رجل على امرأته؛ فوجد [عندها] رجلاً؛ فقتلها؛ فاستعدى إخوتها عمر – رضي الله عنه – فقال بعض إخوتها: قد تصدقت؛ فقضى لسائرهم بالدية.

وقد ادَّعى المتولي عند الكلام في العفو المطلق الإجماع على ذلك.

ولا فرق – فيما ذكرناه – بين أن يكون نصيب العافي مثل نصيب الآخر؛ كما إذا كانا ابنين، وهو ما يفهمه كلام الشيخ من بعد، وفيها فرض الشافعي الكلام، أو أكثر؛ كما إذا كن العافي أخا، ومعه أخت، أو أقل؛ كما إذا كان العافي أختاً، ومعها أخ؛ كما صرح به الماوردي.

ثم هل يجب للعافي شيء من الدية؟ ينظر: إن عفا عليها فنعم، وإن عفا عنها فلا، وإن أطلق؛ جاء الخلاف السابق.

قال: وإن أراد القصاص لم يجز لأحدهما أن ينفرد به؛ لأن الشرع أثبته للأهل؛ فلم يكن لأحدهم الاستبداد به؛ لما فيه من الافتيات على الباقين وتفويت حقهم؛ كما في سائر الحقوق، فإن تراضيا على أن يستوفيه أحدهما- جاز وكان المستوفي وكيلاً عن صاحبه في حصته، قال القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وغيرهما: ولا يجوز الاستيفاء إلا كذلك، أو يوكلا وكلاً واحداً يستوفيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>