للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحهما: أنه يجب [عليه] القود.

والثاني: لا يجب.

هذان القولان بناهما الأصحاب على الوجهين في [علة] امتناع القصاص في المسألة السابقة:

فمن قال: العلة ثمَّ شبهة أن له فيه حقًّا، قال بوجوبه هنا؛ لأن بالعفو سقط حقه؛ فأشبه ما لو قتله بعد عفوهما، أو قتله العافي بعد عفوه، فإنه يجب القود قولاً واحداً.

ومن قال: العلة ثَمَّ شبهة أن له فيه حقًّا، قال بوجوبه هنا؛ لأن بالعفو سقط حقه؛ فأشبه ما لو قتله بعد عفوهما، أو قتله العافي بعد عفوه، فإنه يجب القود قولاً واحداً.

ومن قال: العلة ثَمَّ شبهة اختلاف العلماء لم يوجب [القود] هنا؛ لأن اختلافهم موجود، لكن هذه العلة قد ينقضها [ما] إذا قتل المسلم ذميًّا، فقتله وليه؛ فإنا نقتله به، وإن كان الخلاف في قتله ثابتاً، فلا جرم كان الصحيح الأول.

ولا شك في أن الخلاف المذكور في قتله بعد العلم بالعفو مرتب على الخلاف في قتله بعد العفو وقبل العلم به، وأولى بإيجاب القصاص؛ وكذا حكاه البندنيجي، ومن هنا تخرج طريقة قاطعة بإيجاب القصاص فيما إذا قتله بعد العلم بالعفو، وقد حكاها ابن الصباغ وغيره [وأما] إذا قتله بعد العفو وحكم الحاكم بسقوط القصاص – وجب القصاص قولاً واحداً، سواء علم بالعفو أو لم يعلم، صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي؛ لأن بحكم الحاكم يصير المختلف فيه إجماعاً، فتزول الشبهة.

وهذا الجزم فيه نظر؛ لأنا قد حكينا فيما إذا قتل من [قد] عهده مرتداًّ، وثبت أنه أسلم قبل القتل في وجوب القصاص عليه – قولين، [مع] أنه لا شبهة في إباحة قتله، إلا كونه بني على استصحاب الحال، وذلك موجود هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>