للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الشبه بين الصورتين: أن المقتول معصوم بالإجماع، والقاتل جاهل بحاله، غير معذور في الإقدام.

نعم [الأشبه ما قاله البندنيجي؛ وهو الجزم بوجوب القصاص إذا وقع القتل بعد الحكم، سواء علم بالحكم أو لم يعلم]. وقد يتخيل بينهما فرق؛ وهو أن المرتد كان مهدر الدم بالنسبة إلى القاتل، بل إلى كل واحد، ومنعه من قتله حذر من الافتيات على الإمام؛ لكون الاستيفاء منصبه، ولما كان الأمر كذلك قويت الشبهة في استصحاب المهدر؛ فسقط القصاص، ولا كذلك في مسألتنا، فإن المقتول بالنسبة على القاتل معصوم الدم؛ ولذلك تجب عليه الكفارة والدية؛ فضعفت الشبهة في استصحاب المسقط للقصاص فقط، وهو عدم العفو، فوجب القصاص، [والله أعلم].

قال: وإن قلنا: يجب، فأُقِيد منه، وجبت الدية، أي: دية المقتول أولاً، في تركة القاتل الأول.

ووجهه في الصورة الأولى – كما قاله ابن الصباغ، والرافعي وغيرهما-: أن القصاص لمَّا وجب، لم يقع قتل الجاني قصاصاً؛ كما لو قتله أجنبي، وإذا فات القصاص وجبت الدية.

ووجهه في الصورة الثانية والثالثة: أن بالعفو تعين حق ورثة المقتول أولاً في الدية، ولم يؤخذ، ولا عوض عنها، ثم الدية-في هذه الحالة – تصرف إلى ورثة المقتص وإلى الذي لم يقتص، [كما كانت تصرف إلى] من اقتص وغلى [من لم يقتص] لو مات القاتل، وهذا مجزوم به في طرق الأصحاب.

قلت: وفي في الصورة الأولى نظر؛ لأنهم جعلوا علة وجوب القصاص فيها كون المقتص استوفى أكثر من حقه، أو كونه قتل نصفاً لا يملكه، ومثل ذلك يوجب القصاص؛ كما إذا اشترك اثنان في قتل رجل، وهذا منهم دليل ظاهر على

<<  <  ج: ص:  >  >>