للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعله مستوفياً لحصته من القصاص، وإنما وجب عليه القتل؛ لاستيفائه حق الآخر؛ فكان [يجب أن يقال: لا] يجب [من الدية] في تركة القاتل أولاً إلا قدر نصيب الذي لم يقتص.

نعم، لا يرد ما ذكرته على الإمام، فإنه جعل علة القول بوجوب القصاص أن استيفاءه حق نفسه من القصاص غير ممكن، ولا سلطان له في استيفاء حق أخيه؛ فلا يقع قتله عن جهة القصاص، لا في حقه، ولا حق أخيه، وإذا لم يقع عن جهة القصاص، كان قتله [إياه] بمثابة قتل الأجنبي [والله اعلم].

أما إذا لم يقد منه، فإن عفا عنه مجاناً، فالحكم كما لو أقيد منه؛ وكذا إذا أطلق العفو، وقلنا: مطلقه لا يوُجب الدية، فأما إذا قلنا: مطلقه يوجبها، أو عفا عليها؛ فالحكم كما إذا قلنا: لا يجب القود في حال القتل بعد العفو، وسنذكره.

قال: فإن قلنا: لا يجب، فقد استوفى المقتص حقه:

أما في الصورة الأولى، فظاهر؛ لأن قتل الجميع يتضمن قتل البعض.

وفي "التتمة" أن من علل من أصحابنا سقوط القصاص باختلاف العلماء، لم يجعل لشركة تأثيراً؛ فلا يصير مستوفياً حقه.

وأما في الصورة الثانية والثالثة، فلأن الواجب عليه دية الذي قتله، والواجب له نصف دية مورثه؛ فسقط مما عليه بإزاء ما له، وبقي الباقي في ذمته، وهذا ما جزم به البندنيجي، وهو من الشيخ، ومنه تفرعي على وقوع التقاص بنفس الوجوب.

أما إذا قلنا: لا يحصل إلا بالتراضي، لم يجعل المقتص مستوفياً لحقه إلا به، صرح به الماوردي، والمصنف وغيرهما.

واستشكل الرافعي جريان التقاص في مسألتنا؛ من حيث إن موضع الخلاف في التقاص؛ إذا تساوى الديتان في الجنس والصفة، حتى لا يجري فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>