فإن] قلتَ: قد أشار ابن الصباغ – في أواخر باب القصاص بالسيف – إلى شيء يمكن أخذ الجواب منه، وهو أنا عند السراية في مثل هذه الحالة لا نسقط ارش الجناية السابقة بالسراية، بل نوجب بالسراية تمامَ الدية.
قلت: قد تقدم لنا خلاف فيما إذا قطع يدهن ثم ارتد ومات في الردة: أن القصاص في اليد هل يجب، أم لا؟ بناء على خلاف حكاه الأصحاب فيما إذا قطع يده فمات:[أنه] يجوز لولي المقتول – عندنا – قطع يده، فإن مات وإلا حزَّ رقبته، وهل يكون قطع اليد مقصوداً في الاستيفاء، [أم يكون القطع طريقاً في الاستيفاء؟].
والثاني: هو الذي فرع عليه الأصحاب؛ كما سنذكره عن ابن الصباغ في الباب، فينبغي أن تنبني هذه المسالة على هذا الخلاف:
فإن قلنا: إن قطع اليد غنما وجب طريقاً في الاستيفاء؛ فالمقصود: النفس؛ فيكون الواجب ديتها؛ [فلا ينظر] إلى ارش الطرف.
وإن قلنا: وجب مقصوداً؛ فحينئذ يتجه الواب.
ولك أن تجيب عن هذا بان محل التردد إذا لم يتعلق بأرش اليد حق لغير مستحق النفس، أما إذا تعلق به حقن فذلك الحق لا يسقط عند السراية إلى النفس، ولا شيء منهن ما أمكن استيفاؤه اتفاقاً، وإن وجبت دية النفس؛ دليله ما لو قطع يد عبد، ثم أعتقن ثم مات، فإن حق السيد لا يسقط، وإذا كان كذلك، فالجاني هاهنا قد تعلق له حق بأرش الأصبع، وهو براءته منه، فإذا صار القطع قتلاً، ووجبت دية النفس، وجب ألا يسقط الحق السابق؛ كما في حق السيد، وبهذا تحرر الجواب عن السؤال، [والله أعلم].
أما إذا كان الجاني عبداً، فإن أضاف العفو إلى السيد؛ بأن قال: عفوت عما وجب لي على سيدك من قود وعقل – قال القاضيان الماوردي، وأبو الطيب: صح عفوه عن الدية، ولم يصح عن القود؛ لوجوب الدية على السيد، والقود على العبد.