وغيرهما بنى صحته في الدية على أن الدية بجناية العبد هل تثبت في ذمته مع تعلقها برقبته، ام لا؟ وفيه قولان:
فإن قلنا: لا تتعلق بالذمة، فالحكم كذلك.
وإن قلنا: تتعلق بالذمة مع الرقبة، لم يصح؛ لانه عفو من غير من عليه العفو.
فإن قيل: فكان يتجه – [على] هذا – أن تكون فائدة العفو انفكاك الرقبة عن التعلق؛ إذا قلنا: إن هذا التعلق قابل للفك؛ كما حكاه الإمام وجهاً هاهنا.
قلت: الإمام أجاب عنه: بأنا إذا قلنا: إن ذلك قابل للفك، فذاك إذا جرد مستحق الأرش القصد إلى قطعه، وهاهنا لم يجرد القصد إليه.
فإن أضاف العفو إلى العبد، قال الماوردي: صح عن القود، ولم يصح عن الدية.
وغيره قال: هذا مفرع على عدم تعلقها بالذمة، أما إذا قلنا بالتعلق، فهو كما لو كان الجاني حرًّا عامداً، وقد عُفي عنه.
وإن أطلق؛ بأن قال: عفوت عن هذه الجناية، وما يحدث منها من عقل وقود – قال القاضي أبو الطيب والماوردي: صح العفو عن القود في حق العبد، وعن الدية في حق السيد، سواء جازت الوصية للقاتل أو لم تجز.
والقاضي الحسين وغيره قالوا: إن الحكم كذلك؛ إذا قلنا: لا تعلق للدية بالذمة؛ فإن قلنا: تتعلق بها، فينبني على أن الوصية للقاتل هل تصح، [أم لا]؟
ثم إذا صححنا العفو؛ فإن قلنا: هو وصية، صح في الجميع، وإن قلنا: هو إبراء، صح في أرش الجناية دون ما حصل بالسراية على الأصح.
ولو كانت الجناية خطأ: فإن كان الجاني عبداً، فلا يخفى حكمه مما مضى، وإن كان حرًّا؛ فإن ثبتت الجناية بإقراره، ولم تصدقه العاقلة – فالحكم فيها كجناية العمد، سواء كان الجاني مسلماً أو ذميًّا؛ لأن وجوبها على الجاني