للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون العاقلة. وإن ثبتت بإقراره وصدقته العاقلة، أو بالبينة: فإن كان الجاني ذميًّا، وعاقلته لا يجري عليهم حكمنا كأهل الحرب، أو كانوا مسلمين- فالحكم كذلك؛ كما حكاه الماوردي. وإن كان الجاني مسلماً، أو ذميًّا، وعاقلته من أهل الذمة؛ فإن أضيف العفو إلى العاقلة، صح، سواء قلنا: إن الدية تلاقيهم، أو تلاقي الجاني، ثم تنتقل عليهم، صرح به الرافعي.

قال: وكذا لو قال: عفوت عن الديةن ولم يضف إلى أحد، وعلى هذا إن غلبنا على هذا العفو حكم الوصية نفذ في الجميع، وإن قلنا: هو إبراء، نفذ في القدر الواجب بأول الجناية، دون ما سرت إليه – على الأصح – والقاضي الحسين قال فيما لو عفا عن العاقلة: إن قلنا: إن الوجوب يلاقيهم، صح عفوه فيما باشرته الجناية، وفيما لم تباشره الوجهان. وإن قلنا: إن الوجوب يلاقي الجانين ففيما لم يباشر: الظاهر أنه لا يصح، وفيما باشر وجهان.

وقال فيما إذا أطلق العفو: إن قلنا يجب على العاقلة ابتداء؛ صح فيما باشر، وإن قلنا: يجب على الجاني ابتداء، ففيه وجهان.

وإن أضاف العفو إلى الجاني، فإن قلنا: الوجوب [لا] يلاقيه، فهو لغو، وإن قلنا: يلاقيه، وتتحمله العاقلة – فوجهانا حكاهما القاضي الحسين وغيره، وأظهرهما في "الرافعي" وهو المذكور في "التهذيب"-: أن الجواب كذلك؛ لأنه لا شيء عليه عند العفو؛ فإن الدية كما وجبت انتقلت عنه. والثاني: أنه ينفذ بتقديره أصيلاً، وبتقدير العاقلة كفيلاً، ثم إذا برئ الأصيل برئ الكفيل. وهذا ما جزم به الماوردي، وقال: لا فرق عليه بين أن يجعل العفو في حكم الوصية أو الإبراء سواء أجيزت الوصية للقاتل أوْ رُدَّتْ، لكن إذا جرى عليها حكم الوصية كان عفواً [عن الجميع، وإلا لكان عفواً] عما وجب بابتداء الجناية، دون ما حدث بعدها بالسراية.

ومن قال بالأول قال: هذا الانتقال يشبه الحوالة، لا الضمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>