أحدهما: إذا جنى عليه جناية توجب القصاص، إذا اندملت: كقطع [الأصبع] ونحوها، فعفا المجني عليه على الدية، ثم سرت إلى النفس – لم يجب قصاص النفس، وفيه الوجه المنسوب إلى أبي الطيب بن سلمة.
ولو جنى جناية لا توجب القصاص إذا اندملت؛ كالجائفة، فأخذ المجني عليه الأرش، ثم سرت الجناية إلى النفس- فالمنقول في "المهذب"، و"تعليق" القاضي ابي الطيب، و"التتمة"، وغيرها: أنه يجب القصاص؛ لأن الجناية لم تتولد عن معفو عنه.
وهكذا لو كان المجني عليه قد قال – والصورة هذه -: عفوت عن القصاص، فهو لغو؛ لأن هذه الجناية لا قصاص فيها.
وقال الإمام في الأولى: يحتمل أن يقال: لا يجب القصاص؛ لأن الجائفة، وإن لم يكن فيها قصاص، فهي على سبيل القصاص، وأخذ الأرش مشعر بالعفو؛ [فيجوز أن يجعل شبهة دارئة للقصاص كالعفو] فيما يوجب القصاص، وهذا الاحتمال جريانه في الصورة الثانية [من طريق] الأولى.
الفرع الثاني: إذا قال لرجل: اقطع يدي؛ وهو مالك لأمر نفسه؛ فقطعها، لم يجب عليه قصاص ولا دية؛ لأن الإذن في الإتلاف من مستحق البدل، يتضمن الإهدار؛ كما لو أذن في إتلاف ماله؛ وهذا ما جزم به ابن الصباغ وغيره.
وحكى الغزالي في باب: ضمان الولاة – في وجوب الضمان – خلافاً منشؤه أن المستحق أسقط حقه، ولكنه مُحَرَّم.
فإن سرى القطع إلى نفسه، أو قال له ابتداء: اقتلني؛ ففعل – فلا قصاص على الأصح، وفيه قول تقدمت حكايته عن رواية أبي سهل الصعلوكي: أنه يجب، ووجهه بأمرين: