وبأن القتل لا يباح بالإذن؛ فأشبه إذن المرأة في الزنى ومطاوعتها لا يسقطه. وهذا التوجيه يقتضي جريان هذا الوجه في الإذن في قطع اليد.
وهل تجب الدية؟ بناه القاضي أبو الطيب وغيره على أنها تثبت للوارث ابتداء، أم تثبت للموروث في آخر جزء من حياته، ثم تنتقل إلى الوارث؟ فعلى الأول تجب، وعلى الثاني- وهو الأصح-: لا، وهذا ما أشار ابن الصباغ إلى القطع به.
قال الرافعي: وقد اعترض على هذا- يعني: الإمام- بأن الدية إذا ثبتت له، وهي عرضة للانتقال إلى الورثة، فيجب ألا ينفذ الإسقاط والإباحة إلا في ثلثها.
وأجيب بأنه لا يسقط بائناً في الحال، وإنما يبيح ما يتضمن إتلافه مالاً لولا الإباحة، والقاضي الحسين قال: كان ينبغي أن يتخرج هذا القول على أن الوصية للقاتل هل تصح، أم لا؟ ولكن أصحابنا ما بنوه.
ثم إذا قلنا بوجوب الدية؛ وجبت الكفارة لا محالة.
وإن قلنا: لا تجب، ففي الكفارة وجهان:
أصحهما: الوجوب، وهو ما ادعى القاضي الحسين نفي خلافه.
ومقابله يخحكي عن تخريج ابن سريج قائلاً بأن حق الله – تعالى- يتبع في الوجوب والسقوط حق الآدمي.
ولو كان الآذن في القطع أو القتل عبداً، فهل يجب القصاص؟ فيه وجهان حكاهما الرافعي وغيره، ووجه السقوط – وهو الذي جزم به القاضي الحسين في القطع-: أن القصاص يسقط بالشبهة، وقول العبد فيه مقبول-[صرح به ابن الصباغ ثمَّ؛ إذا أقر على نفسه-] فلذلك يؤثر رضاه في سقوطه.
قلت: ولو وجه بأن الحق في القصاص استيفاء وإسقاط للعبد، دون سيده؛ كما حكاه في "المهذب" في باب الإقرار، والقاضي أبو الطيب في أوائل باب الديات – لكان أوجه، لكن الذي حكاه الغزالي في "الفتاوى": أن نصوص الشافعي –رضي الله عنه- في كتاب جناية العبد والجناية عليه مصرحةٌ بان حق القصاص في العبد والعفو للسيد، وأن عفو العبد لا ينفذ، وهو ما صرح به