للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب تعدي المستحق؛ فغلظ عليه بتأخير حقه، بخلاف ما إذا توقعت بسبب حرّ ونحوه؛ فإنه لا تعدي منه حتى يكون مانعاً من حقه؛ ألا ترى أنه لو وجب القصاص في أطراف الجاني جاز له الموالاة في قطعها، وإن خشي من ذلك تلف النفس؛ لما ذكرناه.

على أن في مسألة الكتاب قولاً مخرجاً حكاه الإمام: أنه لا يمنع [من استيفاء حقّه في اليمين عاجلاً، وفي مسألة قطع الأطراف وجه: أنه يمنع] من التوالي فيها كما في مسألة الكتاب على النص، وقال الإمام: إن هذا لا أصل له.

ووجه آخر، وبه أجاب القاضي الحسين في التعليق: أنه يجوز عند قطع الجاني أعضاء المجني عليه متوالية، أو دفعة واحدة، ولا يجوز عند قطعها متفرقة.

وقد طرد القاضي أصله، فيما إذا قطع يمين زيد، ثم يسار عمرو، وقال: إنه لا يقطع للمتأخر حتى يندمل القطع المتقدم.

وقال فيما إذا قطعهما معاً: إنه يقرع بينهما، فمن خرجت قرعته، قطع له، ثم يترك حتى يندمل، ثم يقطع.

ثم لا يخفى أن القاطع لليسار لا يجب عليه قصاص ولا دية، وإن كان عالماً بالحال، كما حكى عن نص الشافعي؛ لأن صاحبها بذلها مجاناً، وإن لم يتلفظ بالإباحة؛ كما قلنا في تقديم الطعام للضيف.

قال الإمام: وقد حكى وجه ضعيف: أن الضيف لا يستبيح الطعام بالتقديم، بل لابد من لفظ يدل على الإباحة، والقياس أن يطرد هاهنا، ويقول: يجب الضمان؛ يعني: الدية، وقد حكى ذلك عن رواية أبي الحسين بن القطان، وأنه حمل نص الشافعي على ما إذا أذن صريحاً، لكن الإمام لم يعده من المذهب، وقال: ينبغي أن يستدل بمواضع الوفاق على فساد [المواضع الضعيفة، ولا يتعرض بالوجوه الضعيفة على مواضع الوفاق].

وقد روى عن أبي الطيب بن سلمة أنه قال: يحتمل أن يجب القصاص عند العلم؛ لأنه قطع عضواً لا حق له فيه عن علم بالحال، وهذا الاحتمال نشأ من أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>