والثاني: أن سكوت الإنسان عند إقدام ظالم على قطع عضوه لا يسقط القصاص عنه؛ كما حكيناه من قبل.
والظاهر المشهور في مسألتنا-الأول:
نعم، لو سرى [قطع اليسار] إلى النفس، قال الرافعي: ففي وجوب الدية الخلاف المذكور فيما إذا قال: اقتلني فقتله، وكان الأولى في العبارة أن يُقال: فهو كما لو قال لرجل: اقطع يدي؛ فقطعها، وسرت؛ لأنه وزان المسألة، وإن كان الحكم في المسألتين [واحدا]، وقد ذكرنا من قبل فيما إذا قال: اقطع يدي فسرى القطع إلى النفس – وجوب القصاص على وجه، ويظهر جريان مثله هاهنا من طريق الأولى.
ثم إذا لم نوجب الدية هاهنا، وهو الذي أورده ابن الصباغ والمحاملي؛ فكأن المخرج هو القاتل لنفسه، وحينئذ تجب له دية اليمين، ويكون في وجوب الكفارة في ماله الخلاف الآتي، وقد صرح المحاملي بالأول، والإمام بالثاني.
قال: وإن قال: فعلت ذلك غلطاً، أي: بسبب ما حصل لي من الدهش، أو ظناً أنه يجزئ، أو ظننت أنه طلب مني اليسار – نظر في المقتص: فإن قطع وهو جاهل، أي: بأنها اليسار أو بأنها لا تجزئ- فلا قصاص عليه؛ لجهله، وبذل صاحبها.
وحكى صاحب التهذيب في حالة جهل القاطع بأنها اليسار، وقول المخرج: فعلت ذلك ظناً أنه يجزئ- وجهاً: أنه يجب القصاص؛ كما لو قتل إنساناً، وقال: ظننته قاتل أبي. وحكاه القاضي الحسين، والإمام – بناء على هذا الأصل-[أبداه احتمالاً] فيما إذا قال المخرج: فعلت ذلك غلطاً بسبب الدهش. وهذا منهم؛ بناء على اعتقادهم أنه إذا قال: تعمدت القطع – أنه يجب القصاص، كما سنذكره عنهم.
ويمكن أن يفرق بين قتل من ظنه قاتل أبيه، وبني ما نحن فيه؛ بأن المخرج