الخاطئ في الوقت فاعل للصلاة قبل وجوبها فلم تجزئه، والخاطئ في القبلة فاعل لها بعد وجوبها فأجزأته.
قلت: وهذا إن خصوه بما إذا ظهر ذلك في الوقت فهو ظاهر، وإن أجروه فيه، وفيما إذا كان بعد فوات الوقت- كما حكى الإمام عن الأصحاب القطع به- فيشكل بصوم الأسير، ولا جرم قال الشيخ أبو محمد: إن الخلاف في مسألة الأسير مذكور فيه، بل هنا أولى من الصوم؛ فإن الأمر فيها أخف؛ ولذلك سقط قضاؤها عن الحُيَّض دون الصَّوم.
وبنى الرافعي هذا الخلاف على الخلاف السابق فيما إذا ظهر: أنه فعلها بعد الوقت، [هل] تكون أداء أو قضاء؟ فإن قلنا: أداء، لا يعيد ها هنا، وإلا أعاد؛ إذ القضاء لا يسبق الأداء.
وقال الإمام في باب استقبال القبلة: الذي أراه في ذلك: أن المجتهد في الوقت إن كان ممن يتأتى منه الوصول إلى اليقين؛ بأن يصبر ساعة، فإذا فرض الخطأ في التقديم، فالوجه القطع بما قاله الأصحاب، والفرق بينه وبين الأسير: أن الأسير لا يمكنه الوصول إلى اليقين، وهذا يمكنه؛ فشرط في صحة الاعتداد بصلاته بالاجتهاد وقوع الإصابة، وكذا يقع بهذا الفرق بينه وبين الخطأ في القبلة. وإن كان المجتهد في موضع لا يتأتى منه الوصول إلى إدراك اليقين، فهو كالأسير. وعلى هذا جرى الغزالي عند الكلام في القبلة.
ثم حيث قلنا: لا يعتد بما أتى به قبل الوقت، فهل يحكم ببطلانه، أو يحكم بانعقاده [نفلا]؟ فيه قولان، أصحهما: الثاني، وهو ما حكاه أبو الطيب في أول صفة الصلاة عن النص. والقولان يجريان فيما لو تعمد الإحرام بالصلاة قبل الوقت مع العلم، لكن أصحهما- في هذه الحالة-: البطلان؛ لأنه كالمتلاعب.
أما إذا كان الشاك في دخول الوقت بموضع يمكنه الوصول إلى العلم بدخول الوقت، فأخبره ثقة بدخوله عن علم، فهل يرجع إليه؟ قال الماوردي: لا، وظاهر كلامه: نعم.