للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويشبه [أن] يبنى ذلك على: أن من قدر على الوصول للصلاة في الوقت يقيناً بالصبر، هل يجتهد؟ فإن قلنا: نعم، جاز الرجوع إليه، وإلا فلا. وإن كان المحبوس لا يتمكن من معرفة الوقت بالاجتهاد، فقد قال ابن الصباغ والمتولي: إن ظاهر نص الشافعي في استقبال القبلة يدل على جواز التقليد له. وحكينا عن أبي حامد منعه؛ لأنه من أهل الاجتهاد؛ فأشبه غير المحبوس، وفارق القبلة؛ فإنه ليس من أهل الاجتهاد فيها.

فرع: إذا سمع من لا يسوغ له التقليد مؤذناً، فهل له أن يقلده ويصلي؟ فيه وجهان في "تعليق القاضي أبي الطيب" وغيره:

أحدهما: لا؛ لأنه ربما قد أذن باجتهاد، وهذا أخذ من قول الشافعي- رضي الله عنه-: "وللأعمى أن يقلد البصير، ويقلد المؤذن"؛ فإنه يفهم أن البصير لا يقلدهما.

والثاني: نعم، وهو ما أورده القاضي الحسين في استقبال القبلة، والبندنيجي هنا.

قال الشيخ أبو حامد: ولا فرق فيه بين البصير والأعمى، وإن كان نصه في "الأم" في الأعمى، وبه قال ابن سريج، قال: ولعله إجماع؛ فإن الناس يحضرون [الجمعة] من صلاة الصبح، ويتشاغلون بالنفل، فإذا أذن المؤذن، عمل الكل على الأذان، ولم يعمل كل واحد منهم على مطالعة الشمس؛ فثبت أنه إجماع.

وفي "الحاوي": أن بعض أصحابنا قال: يجوز الاعتماد عليه في الصحو دون الغيم، وقد أبداه ابن الصباغ احتمالاً لنفسه، وتردد على هذا في الأعمى في وقت الغيم؛ بناءً على أنه هل يجوز أن يقلد أم لا؟ وعليه جرى المتولي.

قال الماوردي: ومذهب الشافعي: أنه إذا سمع المؤذن لا يسعه تقليده؛ حتى يعلم ذلك بنفسه، إلا أن يكون المؤذنون عدداً في جهات شتى، لا يجوز على مثلهم الغلط والتواطؤ.

فرع آخر: هل يجوز أن يعتمد على صياح الديك في وقت صلاة الصبح وقت الغيم؟ قال القاضي في "تعليقه" في باب استقبال القبلة، وتبعه المتولي: إنه ينظر، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>