خرجت عن عمد مضمون وغير مضمون، وإنما يجب القود إذا خرجت الروح عن عمد محض مضمون.
قال القاضي أبو الطيب: وهذا عند أصحابنا خطأ؛ لأنه خلاف ما نص عليه الشافعي؛ لأنه قد نص- يعني: في "الأم"، كما حكاه الرافعي- على أن الاصطدام إما خطأ أو شبه عمد، [ولم يذكر فيه العمد]؛ لأنه لو كان عمداً محضاً لوجب القصاص على أحد قوليه فبمن شارك عمداً محضاً غير مضمون، مثل: من شارك في قتل الرجل سَبُعاً أو حربيًّا، وعلى ذلك جرى ابن الصباغ؛ فصحح الأول.
واقتصر الإمام والغزالي على إيراد ما ذكره أبو إسحاق من كون ذلك عمداً محضاً، ثم قال الإمام: والجواب في القصاص: التخريج على شريك النفس، وقد مضى التفصيل فيه، وحكى القاضي الحسين الخلاف كما حكاه العراقيون، لكن حكى أن أبا إسحاق قال: كان القياس أن يجب عليه القود، غير أنه فات المحل؛ فسقط القود، ووجبت الدية مغلظة في ماله.
قلت: ويظهر أثر ذلك فيما لو اصطدما، ومات أحدهما دون الآخر.
[قال القاضي الحسين والبغوي والماوردي والبندنيجي: ولو كان أحدهما مخطئاً، والآخر] قاصداً [للقتل] فلكل منهما حكمه على التفصيل السابق.
تنبيه: في قول الشيخ: "وجب على كل [واحد] منهما دية الآخر"، ما يفهمك أن المسألة مفروضة فيما إذا كانا حرين، أما لو كانا عبدين فإن كل واحد منهما تعلق برقبته نصف قيمة صاحبه، وقد تلفت؛ فسقط، وهذا بخلاف المسألة السابقة؛ فإن العاقلة هي المتحملة.
ولو كان أحدهما عبداً، والآخر حرًّا - فإنه يسقط نصف قيمة العبد بجناية نفسه، والنصف الآخر في ذمة الحر إن لم تتحمل العاقلة العبد، وفي ذمتها إن تحملته. وأما الحر فإنه يسقط نصف ديته بجنايته على نفسه، والنصف الآخر تعلق برقبة العبد، والرقبة قد تلفت ببدل وهو نصف القيمة؛ فإن كان نصف الدية مثل نصف القيمة، وقلنا بأن الواجب في ماله - فللسيد ولورثة الحر أن