أما إذا لم يكن في إركابهما مصلحة، كما لو كانا غير مميزين كابن سنة [أو سنتين]، وقد أركبهما الولي – وجب على عاقلته دية كل منهما.
قال: وإن اصطدم سفينتان؛ فهلكتا وما فيهما – أي: من الآدميين وغيرهم – فإن كان ذلك بتفريط من القيمين، أي: بأن قصَّرا في تكميل آلتهما، أو في ربطهما عند طرآن الربح، أو في إحرافهما عند إمكان ذلك، فلم يفعلاه، أو سيَّرا في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها.
[قال:] فهما –أي: في الضمان – كالرجلين إذا تصادما، أي: عن قصد، وكانا راكبين، وتلفا وتلف مركوبهما؛ فيجب على كل واحد منهما [في ماله] ضمان نصف سفينة صاحبه إن كانت السفينتان للقيمين، وضمان نصف كل من السفينتين إن كانا أجيرين فيهما أو مستأجرين أو مودعين.
وكذا الحكم فيما فيهما من المتاع لهما أو لغيرهما، كذا أطلقه الماوردي والقاضي أبو الطيب وغيرهما، وهو محمول على استقرار الضمان، وألا فلكل من صاحبي السفينتين مطالبة قائد سفينته بكل ضمانها، وكذلك لكل من له مال في [سفينة] مطالبة ملاحها، وقرار الضمان في النصف من ذلك على كل من الملاحين؛ كما صرح به الفوراني، وكذا الرافعي في السفن، ووجهه أن كلاً من القيمينِ قد قصر قبل الاصطدام؛ فدخلت السفينة وما فيها في ضمانه [بذلك]، لكنه شاركه في الإتلاف غيره؛ فاستقر الضمان عليهما نصفين.
وأما الآدميون، فقد قال القاضي أبو الطيب: يراجع أهل الخبرة؛ فإن قالوا: إن مثل هذا [يغرق –غالباً – فهما قاتلان عمداً؛ فيجب عليهما القصاص، وإن قالوا: إن مثل هذا] لا يغرق – غالباً – فيجب دية شبه العمد على عاقلتهما.
وقول الشيخ:"فهما كالرجلين إذا تصادما"، يقتضي جريان خلاف في وجوب القصاص؛ كما حكيناه في مسألة الاصطدام عن أبي إسحاق وغيره. وقد صرح بحكاية هذا هاهنا الشاشي في "حليته"؛ حيث قال: هل يصح في ذلك العمد المحض أم لا؟