قلت: والوجه حمل ما قاله القاضي [أبو الطيب] على ما إذا قصدا الاصطدام؛ كما قاله الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ والمصنف، وحمل ما اقتضاه كلام الشيخ وذكره الشاشي على ما إذا لم يقصدا، بل قصرا؛ كما قاله المذكورون. واقتصر في "المهذب" في هذه الحالة- وغيره على أن الواجب على كل منهما نصف ديات ركاب السفينتين.
قال: وإن كان بغير تفريط، أي: مثل: إن كانت عدتهما كاملة، وقد طرحاها، أو لم يطرحاها حتى هاج ريح عاصفة، ولم يمكنهما إمساك السفن –ففيه قولان:
أحدهما: أنهما كالرجلين- أي: الراكبين – إذا اصطدما؛ فيضمنان؛ لأنه لما كان اصطدام الفارسين موجباً للضمان وإن عجزا عن ضبط الفرسين – وجب أن يضمن القيمان وإن عجزا عن ضبط السفينتين، وهذا ما نص عليه في "الإملاء".
وعلى هذا يكون الحكم كما تقدم، إلا في إيجاب القصاص وكون الدية مغلظة.
والثاني: لا ضمان على واحد منهما؛ لأن ما خرج عن التعدي والتفريط في الأمانات لم يضمن بالحوادث الطارقة؛ كالوديعة، ولأن التلف لو كان بصاعقة لم يضمن؛ فكذلك بالريح العاصفة، وهذا ما نص عليه في الإجارات، وصححه الرافعي، واختاره في "المرشد"، ويخالف اصطداما لفارسين؛ لأن عنان الدابة بيد راكبها، يتصرف على اختياره؛ فإن قهرته فلتفريطه في آلة ضبطها، والريح العاصفة لا يقدر على دفعها، ولا يجد [سبيلاً إلى ضبطها