وحكى الإمام والقاضي الحسين وجهاً: أن الواجب على حافر البئر نصف الدية، ويهدر النصف؛ لأن هلاكه حصل بصدمة البئر، وبثقل الثاني [والثالث] والرابع، وثِقَلُهم حصل بجذبه؛ فأحيل الهلاك عليه وعلى حافر البئر، فعلى هذا: لو كان الحفر غير عدوان، لمي جب شيء، وبهذا يحصل في المسألة خمسة أوجه.
[قلت:] ويمكن أن يقال بوجه سادس، مركب من أصلين:
أحدهما: إلغاء صدمة البئر، أو تفرض [المسألة فيما إذا لم يكن البئر مهلكاً]؟
والثاني: إيجاب دية الرابع على الأول والثاني والثالث أثلاثاً، ودية الثالث: على الأول ثلثها، وعلى الثاني ثلثها، ويهدر الثلث؛ فيقال: يجب له على الثاني سدس الدية وتسعها، وعلى الثالث تسع الدية، ويهدر الباقي؛ لأن إهلاكه حصل بوقوع الثاني والثالث والرابع عليه؛ فتسقط ديته على جذب الثلاثة؛ فينوب كل واحد ثلثها. ووقوع الثاني حصل من فعله؛ [فسقط]، ووقوع الثالث حصل من جذبه وجذب الثاني؛ فيسقط ما يخصه عليهما؛ فيسقط نصفه وهو السدس، ويجب السدس. ووقوع الرابع [حصل] من جذبه وجذب الثاني [وجذب الثالث] فيُقسَّط ما يخصه عليهم؛ فيسقط ثلثه وهو التسع، ويجب على كل [واحد] من الثاني والثالث [تسع، ولم أرَ ذلك، والله أعلم.
وأما الحكم في الثاني والثالث] والرابع فيما إذا كان البئر مهلكاً في محل عدوان، فكما لو لم يكن ذلك؛ لأنه لا أثر للحفر في حقهم.
ولو وقعوا متفرقين؛ لسعة البئر، فدية كل مجذوب على جاذبه؛ لأن جذبه عمد.
قال الإمام: ولو كان الجاذب حيًّا لتكلمنا في القصاص عليه.