ودية الأول على عاقلة حافر البئر إن كان متعدياً بحفره، وإلا فلا.
ولو وقع الثاني على الأول، والثالث على الثاني، والرابع على الثالث من غير جذب – فالكلام في ذلك يحتاج إلى تقيم أصل، وهو ما إذا وقع واد، ثم آخر عليه؛ فإن مات الأول فالثاني ضامن له؛ كما لو تعثر بحجر، وما الذي يلزمه؟ ينظر:
إن تعمد إلقاء نفسه عليه، ومثله يقتل غالباً لضخامته، وعمق البئر – فالقود. وإن لم يقتل غالباً فدية عمد الخطأ.
وإن لم يتعمد فدية الخطأ.
وقد أطلق بعضهم وجوبها كاملة على الثاني.
وبعضهم قال في هذه الصورة: يجب على الثاني نصف الدية؛ لأن الهلاك حصل به وبصدمة البئر.
ثم إن كان الحفر عدواناً وجب النصف الآخر على الحافر، وإلا فهو هدر، وهذا أصح عند المتولي وغيره. نعم، لو نزل الأول البئر من غير أن يصدمه، ثم وقع عليه الثاني – تعلق به كل الدية.
قلت: وساق ما قاله هذا القائل: ألا يجب القصاص في الصورة السابقة، كما لا تجب كل الدية؛ لأن البئر لا يوجب إلا المال؛ فيكون كعمد الخطأ أو الخطأ، وقد حصل الهلاك به، وبالعمد، ويتعين محل وجوب القصاص في الصورة الثاني، وبها صوَّر ابن الصباغ.
وأمَّا دية الثاني فهدر إن تعمد إلقاء نفسه، أو لم يكن الحفر عدواناً، وإلا تعلق الضمان بحافر البئر.
وقد أبدى الإمام تردداً فيما إذا كان البئر في محل عدوان، وسقط الأول ثم الثاني عليه – في أن الثاني هل يطالب بشيء، ثم يرجع به على حافر البئر؛ لأنه السبب، أم لا يطالب؟
وقربه بعضهم من المكره على إتلاف المال هل يكون طريقاً للضمان، مع أن القرار على المكره؟ وفيه وجهان.