ولو تردى في البئر ثلاثة، واحد بعد واحد؛ فمن قال في الصورتين السابقتين: إن دية الأول على الثاني، قال هاهنا: تكون على الثاني والثالث. ومن قال في الصورة الأولى: يكون على الثاني النصف، قال هنا:[يكون] على الثاني والثالث الثلثان والثلث الآخر على الحافر إن كان الحفر عدواناً، وإلا سقط.
وأما الثاني، فقد ذكر الشيخ أبو حامد أن ديته على الثالث؛ لأنه تلف بوقوعه عليه.
وذكر القاضي أبو الطيب [أن] الواجب عليه النصف، والنصف هدر؛ لأنه تلف بوقوعه على الأول، وبوقوع الثالث عليه.
قال ابن الصباغ: وهذا أقيس؛ لأن وقوعه على غيره سبب في تلفه كوقوع غيره عليه.
قال: وإن تجارح رجلان –أي: خطأ، [أو عمد خطأ] وماتا – أي: بالسراية –وجب على كل واحد منهما دية الآخر، أي: وتتحملها عاقلته؛ لأنه قاتله.
أما إذا كانت عمداً فدم كل واحد منهما هدر، قاله القاضي الحسين، واستدل له بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا تَقَاتَل الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقُتُولُ فِي النَّارِ"، وهذا ظاهر إذا لم يكن الجرح مما يجري فيه القصاص، وكذا إن كان ما يجري فيه، [لكن جُرح الثاني لم يكن في موضع جرح الأول، فإن كان فيه] فيظهر أن يقال: إنا ننظر إلى انه هل كان قتل الجارح أولاً، أو بعده، ويتخرج على الخلاف السابق في موضعه.
قال: فإن ادعى كل واحد منهما أنه جرح للدفع، لم يقبل؛ لأن الأصل عدم التعدي من الآخر، وصيانة دمه؛ فإذا حلفا، قال الماوردي: وجب على كل [واحد] منهما القود: أي: إن كان الجرح يوجبه، ثم إن سرى الجرح إلى النفس، قال في "ابن يونس": وجب على كل واحد دية الآخر.
ولو أقام أحدهما بينة بأن الآخر دخل عليه بسيف مسلول أو قوس موتور، قال