الماوردي في باب صول الفحل: نظر في البينة: فإن أكملت الشهادة بأن قالت: أراده بذلك، سقط عنه القود [، وإن لم تقل ذلك فقد ذكر الشيخ أبو حامد أنه يقبل منه هذه الدعوى، ويسقط عنه القود] والدية؛ لأن ظاهر الحال يشهد بصدقه.
وعندي: أن هذه الشهادة توجب سقوط القود؛ لأنها شبهة فيه، ولا توجب سقوط الدية؛ لأنها شبهة فيه، ولا توجب سقوط الدية؛ لاحتمال دخوله على هذه الحالة هارباً من طالب. والذي قاله الجمهور قول الشيخ أبي حامد.
ولو شهدت البينة أنه دخل عيه بسيف غير مشهور، لم يسقط بها قود ولا دية. ولو وقع الاختلاف بين الوليين بعد موتهما.
قال القاضي الحسين: تحالف الوليان، وعلى كل واحد منهما إذا حلف الدية، ويتقاصان، ولا يفيد اليمين سوى أنه ربما ينكل أحدهما؛ فيستحق الثاني دعواه إن حلف عليها.
وهذا ما حكاه الإمام عن الأصحاب، لكن أسقط من اللفظ وجوب الدية والتقاص، قال: وقد يظهر أثر ذلك فيما لو اختلفت ديتهما، أو كان أحدهما حرًّا، والآخر عبداً؛ فإن التقاص – كما ذكرناه عن القاضي أبي الطيب فيما تقدم – لا يجري في مثل هذا إلا بالتراضي.
ثم قال الإمام: لو التقى رجلان بسيفين، وكل واحد منهما قاصد للآخر، وغلب على ظن كل منهما أنه لا يندفع عنه إلا بوضع السيف فيه – فيجوز وضعه، ثم يخرج من ذلك: أنه لا ضمان أصلاً، ويصير كل واحد منهما وقد التبس الأمر عليه في حق صاحبه؛ كبهيمة صائلة.
ثم إذا قلنا بذلك فيتجه أن يكون دم [كل واحد منهما هدراً].
ثم قال: هذا ما أراهن وغالب ظني أني وجدت لبعض الأصحاب نصًّا في هذه المسألة، وسأحرص على طلبه وإلحاقه، على أن الكلام عندي في هذا على وجه لا يجوز تقدير الخلاف فيه، ولو فرض خلاف ذلك فهو هفوة من قائله، والله أعلم.