الخامس: أن من يصلي في بيته لا يستحب له الإبراد، وبه صرح أبو الطيب- عن نصه في "الأم"- وحكاه القاضي الحسين والمتولي وجهاً مع آخر: أنه يستحب؛ كما في القصر في السفر وإن انتفت منه المشقة.
قال القاضي: وهما مبنيان على أن الجمع بين الصلاتين بعذر المطر، هل يجوز في مسجد في كِنِّ من الأرض، أم لا؟ وفيه قولان: إن قلنا: لا يجوز ثَمَّ، فلا يستحب ها هنا، والذي أورده الجمهور الأول، ومنه يظهر لك: أنه لو كان يمشي في كِنٍّ إلى جماعة لا يستحب له الإبراد، لاستوائهما في نفي المشقة، وهو الصحيح عند المراوزة، ومنه يؤخذ: أن الحد الذي يبرد إليه أن يصير للجدران فيء يمشي فيه، وبه صرح الغزالي والقاضي الحسين، وعبارته في "المهذب" تقرب منه، ويشهد له ما ذكرناه من الخبر، ورواية أبي داود والنسائي، عن ابن مسعود، قال:"كان قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام". والشيخ أبو علي حَدّهُ في شرح "التلخيص": بأن يحصل للجُدُر ونحوها فيء يمشي فيه، ولا تخرج الصلاة بسبب ذلك عن نصف الوقت.
قلت: وهذا يظهر أن يكون تفريعاً منه على أن وقت الفضيلة لا يمتد إلى نصف الوقت؛ إذ لو كان كذلك لم يكن الإبراد مستثنى.