للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذان القولان ينبنيان –كما قال الماوردي، والقاضي أبو الطيب، والبندنيجي – على القولين في الفصل قبله، فمن قال: تجب ثم الدية، أوجب هاهنا الحكومة؛ كما في قطع اليد الشلاء، ومن قال: تجب ثم الحكومة، أوجب هاهنا الدية.

وعن الشيخ أبي حامد: أن إيجاب الدية غلط لا يحكي، بل عليه حكومة قولاً واحداً؛ كما قلنا فيمن قلع عيناً قائمة.

قال البندنيجي: وهو غلط.

وهذا القول أشار إليه الماوردي بقوله: وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يجب في الحالين إلا حكومتان:

أحداهما: بالاستحشاف، والأخرى: بالقطع، يستوفي بالحكومتين جميع الدية، لا يجوز نقصانها، ويجوز زيادتها.

وعن ابن كج وجه آخر: انه لا يشترط بلوغهما قدر الدية.

ثم قال الماوردي: وما ذكره هذا القائل- يعني: في الأصل – فاسد؛ لأنه لا بد أن يجري في إحدى الحكومتين حكم الجناية على الصحة، وذلك موجب لكمال الدية.

وقد عكس الإمام البناء؛ فجعل الخلاف في الأولى مبنيًّا على الخلاف في المسألة الثانية، والمعنى لا يختلف.

فرع: إذا جنى على أذنه؛ فاسودت، ففيها حكومة؛ كما لو جنى على يده؛ فاسودت، وإن كانت المنفعة باقية.

فرع آخر: إذا استأصل قطع الأذن حتى أوضح العظم، قال الرافعي: لم يجعل أرش الموضحة تبعاً لدية الأذن؛ لأنه لا يتبع مقدَّرٌ مقدَّراً.

قال: ويجب في السمع الدية؛ لما روى معاذ بن جبل – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ"، روي: "أَنَّ رَجُلاً رَمَى رَاسَ رَجُلٍ بِحَجَرٍ فِي زَمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>